غزة-مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - حالات طلاق التي شاعت مؤخّرًا في حياتنا اليومية، لا دواعي لأكثرها ولا مبررات، حيث قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يوسف ادعيس، «بعضها جدي وبعضها هزلي».

ولعل الإحصاءات وشهادات العاملات والعاملين في المحاكم الشرعية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة تؤكّد ذلك. السيدة سلامة صوالحة مديرة دائرة الإرشاد والإصلاح الأسري في ديوان قاضي القضاة، تحدَّثت عن اختصاصات المحاكم الشرعية في فلسطين عبر برنامج نقطة وسطر جديد والذي يذاع عبر إذاعة النجاح، قالت: "المحاكم الشرعيَّة جزء من المنظومة القضائية في فلسطين بموجب القانون الأساسي الفلسطيني حيث نصَّت المادة (101) على أنَّ المسائل الشرعية والأحوال الشخصية تتولاها المحاكم الشرعية وفقًا للقانون".

وتابعت صوالحة: "نحن نختلف عن أيّ مؤسسة اجتماعية أو أسرية أو نسوية في هذا الوطن، نتعامل مع القضايا المعروضة بشكل كامل، وأي قضية بالمحكمة الشرعية بالأغلب تضمّ أموراً خاصة بالزوج والزوجة والأولاد، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الأقل حظاً مع الحفاظ على النظرة العادلة والقانونية للملف بشكل عام".

وذكرت صوالحة أهم القضايا التي تعرض دائماً بالمحاكم وأبرزها قضايا النفقات ففي عام (2017) عرض على المحاكم الشرعية بشكل عام (5602) قضية نفقة بالإضافة لقضايا التفريق بجميع أنواعها مايعادل (1429) قضية، لكن عند الدخول لتفاصيل القضايا نجد أنَّه لايوجد أيَّ تشابه بالقضايا.

وعن ارتفاع نسبة الطلاق والاحصائيات التي وثَّقت تلك الحالات أشارت صوالحة بالبداية لعقود الزواج التي تمَّت عام (2017) وبلغت (28.875) عقد زواج تمَّ بالضفة الغربية فقط، وإذا ما تمَّ ذكر القدس وغزَّة معها فالعدد سيتجاوز الـ(50.000) عقد زواج سنويًّا،

أما عن حالات الطلاق التي سجَّلت في آخر احصائية (2017) بلغت (5.166) معاملة طلاق، (2615) هي من الأزواج الجدد قبل الدخول تحديدًا.

وأكَّدت أنَّ فلسطين هي البلد العربي الأقل نسبة في عدد حالات الطلاق ومؤشر فلسطين فقط بلغ (1.7%) من نسبة الطلاق في حين وصلت الأرقام في بعض الدول العربية إلى (10%).

وعن الأسباب التي تدفع الناس للذهاب للمحاكم لرفع دعوى طلاق

بيَّنت بشكل عام التدخل الأسري في حياة الأزواج، والأمور المالية، وعدم الانجاب، والتقليد الأعمى للآخرين، ولكن مايطرأ على الساحة الفلسطينية حاليًّا هو تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وإدمان أحد الأزواج عليها فمن هنا تبدأ المشكلات بالتفاقم وتبدأ الظنون والغيرة على حساب الحياة الزوجية، في ظلّ وجود البديل الافتراضي ما أفضى بالكثير من الأزواج للتواجد في المحاكم الشرعية.

ونبَّهت صوالحة إلى مسألة لجوء الشباب للزواج نتيجة ضغوط معينة أو هروبًا من مشاكل، ما سيجعل النتيجة المفترضة هي الانفصال.

ودعت الشباب للتريث في اختيار شريك الحياة ودراسة عقله وقلبه وسلوكه؛ لأنَّ الحياة الزوجية ليست يومًا واحدًا أو سنة، إنَّما شراكة يفترض أن تدوم عمرًا، وعليه فإنَّ الاختيار يجب أن يكون بناءً على قناعة كاملة.

  الناحية الاجتماعية والتوعية

وافق د.عصام جمعة المحاضر الدولي وخبير التنمية الذاتية والإدارية، السيدة صوالحة على أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر سببًا من الأسباب التي تدفع الأزواج للطلاق يقول: "أعددت برنامجًا تحدثت فيه عن عقلية الرجل وعقلية المرأة ونسبة الاختلاف بينهما  وصل (30%)، وتلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورًا مباشرًا في ترسيخ الأفكار التي تدعو لهدم الأسر".

وأكَّد جمعة على أنَّ الله أوجد الاختلاف كي تكون علاقة تكامليّة، الرجال يتفوقون بأشياء على النساء، والنساء يتفوّقن بجوانب أخرى. 

وأوضح أنَّ سوء الاختيار، وسوء الفهم عوامل تساهم في زيادة نسبة الطلاق.

ولفت إلى أنَّ دورة حياة الأزواج تمرُّ بعدَّة مراحل:

  • مرحلة الانجذاب وقد يكون لشكل أو فكر معين، وهي مرحلة الخطبة، يكون الشخص فيها منافقًا لحد كبير،في حين هي مرحلة فهم للآخر إلا أنَّ العاطفة فيها تغلب على العقل .

  • ومرحلة التقبل وهي مرحلة أنضج من المرحلة السابقة، فيبدأ الاشخاص يعرفون بعض الصفات وتقبّلها.

  • الارتباط العاطفي والتقدير، يبدأ الشخص يعتاد وجود الشريك الآخر في حياته، فتبدأ بعض السلوكيات القديمة بالظهور والتي تعود لفترة العزوبية منها بعض الألفاظ التي لم يتعود الشريك سماعها من شريكه، أو عدم الاهتمام بالشكل العام أو النظافة والكثير من سلوكيات تساهم أحياناً في خلق فجوة بينهم.

  • عدم الاتزان العاطفي يبتعد كل واحد منهما عن الآخر، الرجل مع أصدقائه لساعات طويلة خارج المنزل والزوجة بزيارة هي الأخرى طويلة عند الأهل فتصاب العلاقة بالفتور، وفي أول خلاف، تبدأ المشاكل والتدخلات الخارجية التي تعقّد المشكلات وتوصلها للطلاق.

غزة.. الحال مختلف

ورغم الاختلاف بين الضفة وغزَّة إلا أنَّ أسباب حالات الكثيرة التي شهدها القطاع تنوعت وتعددت.

ذكرالمحامي الشرعي ا.خضر محسن لـ"النجاح الإخباري"، بعض الأسباب، قال: "بين يدي قضايا كثيرة للأسف هي لفتيات تقل أعمارهن عن (17) عامًا، وقبل الخلوة الشرعية أيضًا،  وهذه نتيجة حتمية للزواج المبكر المتسرّع، ونظرًا لارتفاع نسبة الفقر، ولجوء البعض لتأجيل دفع المهر فيكتب في عقد الزواج أنَّه تمَّ دفع المهر كاملًا يد بيد، ما يخلق المشكلات قبل موعد الزواج حين لا يملك العريس ما يدفعه لوالد العروس.

وعن صحة وبطلان هذا النوع من الزواج، أكَّد أنَّ هكذا نوع من الزواج يعتبر باطلاً فما بني على باطل فهو باطل، حتى وإن كان الوضع المادي للخاطب سيّئاً عليه أن يضع عروسه وأهلها بصورة الوضع وهم مخيرون بالموافقة أو الرفض، ولكن المحكمة تستند للأوراق والقانون لا يحمي المغفلين.

تضاف إلى ذلك الظروف الاقتصادية التي جعلت الكثير من الأزواج عاطلين عن العمل فتكثر المشاكل الزوجية التي تؤدي للطلاق.

ووجَّه محسن رسالته للأهل في غزَّة، بعدم التسرّع بتزويج ابنتهم قبل السؤال عن الخاطب جيّدا ومعرفة وضعه وسلوكه، كي لاتقع الكارثة ويحدث الطلاق.