هاني حبيب - النجاح الإخباري - من المتوقع أن يبقى الوفد الأمني المصري متنقلاً بين قطاع غزة ورام الله وتل أبيب فترة أطول مما اعتاد عليه مقارنة مع جولاته السابقة، وذلك استكمالاً لجهوده الرامية إلى التوصل لاختراقات في ملفي المصالحة والتهدئة وتجنباً لحربٍ عدوانية إسرائيلية جديدة على قطاع غزة.

في هذا السياق يستمر الحديث عن توفير مناخ ملائم للمجتمع الدولي لتنفيذ تعهداته تجاه "تحسين" الأوضاع المعيشية والإنسانية في قطاع غزة، وهنا نجد من الضروري التوقف حول بعض المصطلحات المستخدمة في هذا السياق فالحديث عن "تخفيف الحصار" والقيود الإسرائيلية على قطاع غزة بشكلٍ شبه دائم يتعارض مع الالتزام بالقانون الدولي بهذا الشأن فوفقاً لهذا القانون والقرارات الدولية المتعددة فإن قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها العاصمة الفلسطينية كلها أراض ما تزال ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لهذا القانون وهذه القرارات فإن على دولة الاحتلال توفير كافة احتياجات الشعب الرازح تحت الاحتلال، في حال لم يتمكن المجتمع الدولي من فرض إنهاء الاحتلال، وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بتخفيف أو تحسينات بل يتعلق باستحقاقات وحقوق الأمر هنا لا يتعلق بحصار بقدر ما يتعلق باحتلال.

كما أن الحديث المتداول عن حلول إنسانية في قطاع غزة، يبدو في الغالب يأتي على حساب التأكيد على أن أي حل يجب أن يكون حلاً سياسياً بالدرجة الأولى، وإذا كان الحل الإنساني مطلوب نتيجة لمعاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ألاّ أنه رغم ذلك يتوجب أن يتوفر في إطار الحل السياسي وليس بديلاً عنه، دون تجاهل حقيقة عدم إمكانية التوصل إلى حلول إنسانية ومعيشية مع دولة الاحتلال التي تدير ظهرها للقانون الدولي بدون أثمان سياسية كما يدعي البعض، ومن الواضح أن تعثّر الوصول إلى تهدئة رغم الجهود المصرية يعود في جانبٍ هام منه أنّ دولة الاحتلال تريد مقابلاً سياسياً وأمنياً لتخفيفها القيود التي تفرضها على قطاع غزة ومن خلال الأمم المتحدة وبالالتفاف على الشرعية الفلسطينية.

وبشكلِ عام يتم تداول ونقاش التهدئة في إطار العودة إلى اتفاق غير مكتوب عقد برعاية مصرية بنهاية الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة عام 2014 وللتذكير فقط، فإن الرئيس أبو مازن هو الذي أعلن عن هذا الاتفاق، تأكيداً على أن القرار الوطني هو قرار الشرعية الفلسطينية في نهاية الأمر تعبيراً عن المسؤولية السياسية التي تتحملها القيادة الفلسطينية رغم الانقسام والانفصال، وباعتبار أن أية تهدئة هي في المقام الأول تخص الكل الفلسطيني ولاّ مجال للقفز عن هذا الاعتبار.