وفاء ناهل - النجاح الإخباري - تتَّجه الأنظار في الـ (27) من الشهر الجاري إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي سيلقي فيها الرئيس محمود عباس خطاباً مفصلياً بعد سلسلة القرارات الأمريكية الأخيرة الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، وأهمها قضية القدس، واللاجئين عبر إنهاء عمل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).

وحسب محللين سياسيين وخبراء بالشأن الأمريكي، أجمعوا على وجود تحديات كبيرة تحيط بالقضية الفلسطينية، على المستويين الداخلي والخارجي، أهمها ملف المصالحة والوحدة والوطنية والتهدئة، وإجراءات الاحتلال بحق القدس والشعب الفلسطيني بأكمله، وعلى المستوى الدولي الإدارة الأمريكية وقرارات ترامب.

ففي ظلِّ هذه المعطيات على أرض الواقع، كيف ستكون ردود الفعل ما بعد خطاب الرئيس، على المستويين الداخلي والخارجي؟ وهل ستذهب الأوضاع لتصعيد وتعقيد أكبر مما نحن فيه؟

مرحلة جديدة

المحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم أكَّد أنه  سيتم عقد اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد الخطاب، يبحث ما تمَّ التوصل إليه من خلال الاتصالات الدوليّة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة المشروع الأمريكي، ما يرسم معالم المرحلة الجديدة المقبلة، والتي سيتم توضحيها والإقرار بشأنها بالاجتماع المرتقب بعد عودة الرئيس من الأمم المتحدة".

وتابع في حديث لـ "النجاح الإخباري": يحاولون إقامة "كانتونات" بغزة وجهودهم بمجملها فاشلة؛ لأنَّ مصر أعلنت على لسان وزير الخارجية أنها لن تسمح بإقامة كيان في غزَّة منفصل عن الضفة الغربية والقدس المحتلة لما يشكّله من خطر على المشروع الوطني الفلسطيني والحقوق الوطنية، وإذا كان هناك من يريد أن يقيم مثل هذا الكيان إرضاءً لأهدافه الخاصة والفئوية، فهذا لا يعني مصر لا من قريب ولا بعيد".

وأضاف سويلم:"الأمور واضحة ومحاولة إقامة كيان بغزة انتهت، هم الآن يبحثون عن بدائل لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، أو شخصيات مستعدة للجلوس معهم ومع الإسرائيليين للبحث عن تسوية قائمة على عكازتين من "عود الثقاب" وهذا ما سترفضه القيادة جملةً وتفصيلاً،  فالشعب الفلسطيني له حقوق أقرَّتها الشرعية الدولية، إذا أرادوا التفاوض عليها كاملة غير قابلة للتصرف وغير منقوصة، فالجانب الفلسطيني مستعد  للتفاوض، وغير ذلك لن يتم التفاوض عليه".

وحول ما تتَّجه إليه المرحلة القادمة، قال:"الأمور تتَّجه نحو مزيد من التعقيد في ظلّ هذه الإدارة الأمريكية "الحمقاء"، التي تستغل الحالة العربية العاجزة لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية، إلا أنَّ محاولاتهم فاشلة أمام شعب صمد وقاوم مائة عام لن يعجره "الأحمق" ترامب".

المصالحة مخرج 

من جهته قال المحلل السياسي د. رائد بدوية :"نحن أمام مرحلة مفصلية فالانسداد السياسي مع الإسرائيليين ومع سياسة أمريكا فيما يتعلق بالقضية وتصفيتها وإغلاق مكتب منظمة التحرير والقدس واللاجئين، لربما سيدفع وتيرة خطاب الرئيس لجهة "التهديد".

وتابع بدوية في حديث لـ"النجاح الاخباري": ربما سيكون هناك تهديد بحل السلطة الفلسطينية، والاتجاه نحو حل الدولة الواحدة".

وتطرّق لحديث الرئيس حول طروحات أمريكية بإقامة كونفدرالية مع الأردن، وكان رده واضحاً، بأنه سيتم قبولها إذا ما قبلتها إسرائيل أولاً.

وتابع هناك العديد من التساؤلات يمكن أن نطرحها حول أهم القضايا التي سيتناولها الرئيس في خطابه، منها اتفاق أوسلو والتحلل من التزاماته، فالحديث سيتعلق بشكل كبير بالاستراتيجية الفلسطينية".

وأضاف:"ما بعد الخطاب لا أتوقع أن يكون هناك تصعيد على المستوى الداخلي بمواجهة الاحتلال، ولكن من الممكن الحديث عن وقف التنسيق الأمني، وعلى الصعيد الدولي، ترامب غير آبه بالجانب الفلسطيني".

وحول المستوى الداخلي الفلسطيني وما سيتلو الخطاب على هذا الصعيد قال بدوية:"في ظلِّ التعقيد والتأزم الدولي الذي سبَّبته سياسة ترامب، لربما سيكون هناك حديث عن المصالحة ما بعد خطاب الرئيس، وهذا مخرج بالنسبة لنا، و يقوي جبهة مقاومة الترتيبات الأمريكية الإسرائيلية، أو على الأقل من أجل الصمود لحين انتهاء ولاية ترامب أو عزله، وللوقوف في وجه الضغوطات الأمريكية، خاصة وأنَّ لا احد يتوقع أن يغير ترامب سياسته، والمطلوب منا تقوية الجبهة الوطنية الفلسطينية، على الأصعدة كافة، وشحن الشارع والبرنامج السياسي الفلسطيني، لنستطيع مقاومة البرنامج الأمريكي التصفوي لقضيتنا".

كشف حساب.. والمصالحة حاضرة

من جهته أكد الخبير في الشأن الأمريكي، د. رويد أبو عمشة:" أنَّ خطاب الرئيس عباس بمثابة كشف حساب جديد أمام المجتمع الدولي حول الحقوق الفلسطينية المسلوبة ودور الإدارة الأمريكية في الانحياز لإسرائيل، ومساعدتها بقضم الحقوق الفلسطينية، كما سيتطرَّق لنقل السفارة الأمريكية، والأونروا، ومطالبة المجتمع الدولي باتّخاذ الإجراءات اللازمة".

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": "على المستوى الأمريكي من المتوقع أن يكون هناك إجراءات جديدة من قبل ترامب، بمثابة رد على خطاب الرئيس، والحديث عن المستوطنات وتشريع الكتل الاستيطانية الكبرى على أنَّها جزء مع إسرائيل، وغير قابلة للتفاوض، والأمر الأكثر أهمية أنَّها ستطرح صفقة القرن بالشكل الذي تريده إسرائيل، حتى لو لم تجد شريكاً فلسطينياً، كي يتم تثبيتها ضمن أي معطيات مستقبلية، أي أن هناك وثيقة مقابلة لمقترح كيري أو كلينتون، بأنَّ هناك مقترحاً طرح باسم ترامب في وقت ما، أي بمثابة وثيقة سياسية، سواء تعامل معها الجانب الفلسطيني أم لا، إضافةً للتضييق على القيادة ماليًّا والحديث مع شركائها لوقف أي دعم للجانب الفلسطيني".

وأضاف أبو عمشة:"على المستوى الداخلي، سينعقد المجلس المركزي مرَّة أخرى، وسوف يتناول العلاقة مع إسرائيل، وكذلك المصالحة الذي ستؤكد عليه القيادة، لكنَّه مرتبط بحركة حماس، وهل تريد الاستمرار بالمسار الخاص بها والذي قدَّمته بعض الدول، بما يخص قطاع غزَّة بشكل منفصل مقابل بعض الامتيازات كمطار وميناء".

وحول ما تتَّجه إليه المرحلة القادمة قال:"الأمور في ظلّ المعطيات الحالية ذاهبة للتعقيد إلا أنَّ الصورة أصبحت واضحة بشكل أكبر، وهناك حقيقة واحدة مفادها أنَّ الشعب الفلسطيني لن يقبل أيَّ حل للقضية إلا بالحصول على كافة حقوقه ولا يمكن مقايضة الحقوق خاصة المتعلقة بالثوابت بأي أموال او مقترحات".  

وفي وقت سابق قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن:" إن خطاب الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالسابع والعشرين من الشهر الجاري سيطالب بتوفير الحماية الدولية لشعبنا".

وأضاف محيسن: "إنَّ خطاب الرئيس سيتحدَّث عن الهجمة الأمريكية والإسرائيلية التي يقودها الرئيس الأمريكي ترامب، وتدمير إسرائيل لعملية السلام ولكل التفاهمات والاتفاقات بين الجانبين".

يذكر أن الإدارة الأمريكية ومنذ تولي ترامب زمام الحكم، بدأت باتخاذ الإجراءات المخالفة للشرعية والقانون الدولي، المتمثلة بالقدس واللاجئين، والاونروا، بانحياز واضح لدولة الاحتلال، سيناريوهات