النجاح الإخباري - المشكلة تكبر يوماً بعد يوم، ولا يشعر بها غير ساكني أزقة المخيمات.. سلبهم أبسط حقوقهم وتركهم يتخبطون في سبل الحياة... التعليم، الصحة، النظافة، الرعاية، جميعها تعتبر من أبسط الحقوق، ولكن مع تقليصات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" خدماتها في مخيمات الوطن، حُرِم الالاف من المواطنين حق الحياة بكرامة.

تقطعت بهم السبل

من ناحية التعليم، قال عضو اللجنة الوطنية المركزية لمواجهة تقليصات وكالة الغوث الدولية "الأونروا" عماد اشتيوي: "دمجت الوكالة الطلبة في الصف الواحد (50+1)"، ويتساءل عمّا إذا كان خمسون طالباً في الصف الواحد قادرين على تلقي التعليم المناسب، وما إذا كان المعلم قادراً على أداء دوره كما يجب، مؤكِّداً من جانبه أنَّ ما يحصل هو تجهيل للطلبة أكثر من كونه تعليماً.

وأضاف: "من تقليصات الأونروا وأثرها على التعليم، حُرمت الطفلة شفاء أبو محسن "5 أعوام" من الجلوس على مقاعد الدراسة بقرار من الوكالة، وذلك كون العائلة لا تملك كرت لاجئ، فمنذ أيام العودة لم يطالب جدّ الطفلة بكرت لاجئ، ولكن مدير المخيم ولجان الخدمات تثبت أنَّ العائلة لاجئة، ولكن بعد قرار التقليص لم تعد الوكالة تستوعب اللاجئين المقيمين بالمخيم".

وأوضح أنَّه تمَّ رصد (700) حالة حرمت من حقها في التعليم، و(400) أخريات ممن في الخارج، بينما يرفض رئيس التعليم بالوكالة في الضفة الإعلان عن عدد الطلاب الذين تم َّرفضهم.

الصحة.. تفاقم المعاناة

والوضع الصحي ليس أفضل، يقول أمين سرّ الّلجنة الشعبية في مخيم عسكر الجديد في محافظة نابلس أمجد الرفاعي: " يلجأ مرضى السكري والضغط، والأمراض المزمنة، لشراء الأدوية على حسابهم الخاص عوضاً عن توفيره من قبل وكالة الغوث كما الماضي، وهو أمر مرهق"، متسائلاً كيف لمريض السكري غير القادر على العمل وإمكانياته المادية محدودة أن يتراكم عليه عبء مادي إضافي لتوفير الأدوية!.

وأضاف: "تقليص خدمات الصحة في المخيمات ضرّ المواطنين بشكل كبير، فهناك من يحتاج لعمليات جراحية، أو أدوات المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، وعمليات ولادة؛ فالنساء يحتجن لتحويلة للمستشفى، ولكن بعد تقليص خدمات الأونروا لجأ مواطنو المخيم لإنشاء تأمين من قبل وزارة الصحة".

وأوضح الرفاعي أنَّ الوكالة صارت تمنح التحويل لمستشفى قلقيلية فقط لكل مخيمات الوطن، مشيراً إلى أنَّ هناك  (99%) من تحويلات الوكالة للمستشفى ألغيت.

منوّهاً أنَّه من المحتمل أن تغلق مستشفى قلقيلية أبوابها أيضاً، إذا لم تدعمها السلطة الفلسطينية أو بلدية قلقيلية.

عاطلون عن العمل.. البطالة ترتفع

وأشار أمين سر اللجنة الشعبية إلى أنَّ برنامج الطوارئ كان يدخل على مخيم عسكر الجديد والقديم  شهريا ما يقارب (80) ألف دولار، وتقليصه يرفع نسبة العائلات الفقيرة، عدا عن إلغاء برنامج تأهيل المساكن للعائلات الميسورة.

النظافة.. ما ذنب المواطنين!

أينما وقع نظرك وأنت تسير في أزقة المخيم، تلاحظ نفايات متراكمة، تنبعث منها روائح كريهة، وترى الزائرين للمكان يضغطون على أنوفهم تجنُّبًا لاستنشاق الهواء الكريه، أو يشيحون بنظرهم لبشاعة المنظر، فما حال سكان المكان؟!

وعن سبب هذا التراكم في كميات النفايات، قال الرفاعي: "الآن يوجد ستة عمال فقط يقومون بأعمال التنظيف، فيما كانوا بالسابق حوالي (15) عاملًا، ما يؤدي لتراكم الأوساخ ووجود الكائنات الضارة والأمراض والآفات".

كما وجدَّد أسفه على مواطني المخيمات، قائلاً: "هناك فرق عندما يسترق المواطن نظره من النافذة ليرى الأشجار والمناظر الجميلة والهواء المنعش، بينما في المخيم ينظر الأوساخ، فما ذنب المواطنين لتحمل هذا التقصير؟".

الأرشاد النفسي

لم تقف مسألة التقليص على الخدمات التعليمية والبيئية والصحية والغذائية، فمن ضمن التقليصات التي تعد مهمة لساكني المخيمات "الإرشاد النفسي" التابع للوكالة، وبحسب أحد المواطنين، فقد كانت الأونروا تفرز مرشدين وأخصائيين نفسيين لزيارة المنازل في المخيمات لمعرفة مشاكلهم والضغوط التي تقع عليهم للتخفيف منها وحلها.

وقال: "سلب أهالي المخيم أبسط حقوقهم من تعليم ونظافة ورعاية وعدم توفر أدنى أساسيات الحياة، بالإضافة لتراكم العجز المالي، أنشأ أزمة اقتصادية واجتماعية في نفوس الأسر، وإلغاء برنامج الإرشاد النفسي والذي كان يلعب دوراً في تهدئة النفوس زاد الأمر سوءًا فتراكمت المواقف والضغوط في داخل الفرد الذي يبدأ بتفريغ طاقته بغيره".

وبحسب المواطن فإنَّ بعض العائلات في المخيم أصبحت تتعامل مع الأطفال بقسوة شديدة بضربهم وإخضاعهم لأشدِّ أنواع العقوبات لأتفه الأسباب، سواء الإهانة والشتم بألفاظ خادشة للحياء، وفرض الاشغال المنزلية عليهم، وضربهم بحزام البنطال أو بالعصي، أو حرمانهم من أبسط حقوقهم كشراء ملابس العيد وتلجأ أيضا لاستخدام الفلفل كنوع من العقاب.

نحن نتحدث عن أطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ(15) عامًا، يفترض أن تكون أجمل أياّمهم، إلا أنَّ وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين بطريقة غير مباشرة من خلال تقليص خدماتها في المخيمات الفلسطينية حالت دون ذلك.

ماذا أنتم فاعلون؟

وعن دور اللجان الشعبية في المخيم، أضاف: "نحن نحاول ما بوسعنا لمساعدة المواطنين، من تأهيل مساكن، والتخفيف من النفايات والأوساخ من خلال جمعها بشاحنة كبيرة، بالإضافة لمساعدة العائلات الفقيرة، وأحياناً نجد العون من قبل السلطة الفلسطينية ومكتب الرئيس محمود عباس، وبعض المؤسسات، لكن لا نستطيع آخذ مكان وكالة الغوث، فليس لدينا إمكانيات لحل الموضوع بشكل جذري".

وتابع: "نقوم باعتصامات واحتجاجات سلمية كوسيلة ضغط ضد نهج وكالة الغوث".