هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - يرى محللون سياسيون أنَّ القرار الأميركي حول إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن كان انتقامًا من القيادة الفلسطينية، إضافة إلى أنَّ ذلك يأتي في إطار التهيئة لطرح مشروع التسوية الأميركي المرتقب لحل الصراع مطلع العام المقبل، فما الرسائل التي تريد أمريكا تمريرها؟ وما المطلوب فلسطينيا؟ وما أهمية بقاء مكتب م.ت.ف في واشنطن؟ وما الذي ستتخذه المنظمة ضد هذه القرارات التصفوية؟

أكَّد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د. واصل أبو يوسف أنَّ قرار الإدارة الأمريكية إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والذي سيعلن عنه  مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جون بولتون في الساعات المقبلة، كان متوقّعًا من (6/ ديسمبر الماضي).

وأوضح أبو يوسف في تصريح مقتضب لـ"النجاح الإخباري" أنَّ ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية، هو استمرار لإعلان حربها على فلسطين، وتطبيق ما يسمى "صفقة القرن" الهادفة إلى تصفية قضية القدس واللاجئين من خلال قطع المساعدات عن وكالة الأونروا.

وأكَّد على موقف منظمة التحرير بوقف الاتصالات مع الولايات المتحدة، واستبعادها من أي عملية سياسية، موضّحًا أنَّ موقفها المعادي والمشارك مع حكومة اليمين المتطرفة يستوجب ذلك.

وأشار إلى أنَّ منظمة التحرير ستتَّجه نحو  عقد مؤتمر دولي، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، مشدِّدًا على ضرورة ذلك، لافتًا إلى أنَّ المنظمة ستسعى بكافة الوسائل من أجل تجريم هذه القرارات، وتقويض أمريكا من خلال المجتمع الدولي والجمعية العامّة في الأمم المتحدة.

وشدَّد على أنَّ ما تتَّخذه الولايات المتحدة سواء من تهديد أو قطع اموال أو مؤامرات وغيره، لن يسمح لها بتصفية القضية الفلسطينية وتطبيق صفقة القرن.

وحثَّ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، المدعية العامة للجنائية الدوليّة للإسراع في فتح تحقيق في جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

وأكَّد أنَّ المنظَّمة ستتّخذ التدابير الكفيلة لحماية مواطنينا بالولايات المتحدة في الوصول إلى خدماتهم القنصلية.

المطلوب فلسطينيا

وأكَّد المحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي د. رويد أبو عمشة، أنَّ أمريكا شرعت بإجراءات عقابية ضد م.ت.ف للضغط على القيادة الفلسطينية لتمرير التسوية النهائية بتطبيق صفقة القرن.

وأوضح أبو عمشة في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أنَّ موقف القيادة الفلسطينية بمقاطعة الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبارها غير مؤهلة للوساطة في عملية السلام، جعل الأخيرة تتَّجه للضغط بتخفيض الدعم للأونروا وقطعه عن مستشفيات القدس بعد ذلك، وإغلاقها المكتب الآن هو تطبيق للقرار الأمريكي ما قبل اتفاق أوسلو في عام (1987) الذي اعتبر م.ت.ف إرهابية ويمنع الاتصال بها.

ونوَّه إلى أهمية مكتب م.ت.ف في واشنطن، خاصة وأنَّه يقدِّم خدمات قنصلية للجاليات الفلسطينية هناك، وكلّ ما يتعلق بشؤون المعاملات والبيع والشراء، وتسجيل النفوذ وعقود الزواج وغيره الكثير.

وأشار إلى أنَّ البديل سيكون قنصليات بديلة صديقة باتفاق مع وزارة الخارجية الفلسطينية، وفقًا للقانون الدبلوماسي والقنصلي.

من جهته أكَّد رئيس المفوضية العامَّة لمنظمة التحرير لدى الولايات المتحدة السفير حسام زملط أنَّ الحقوق الفلسطينية ليست للمساومة، ولا للبيع، ولن نخضع للابتزاز وتهديدات الإدارة الاميركية، وسنواصل نضالنا المشروع من أجل نيل الحرية والاستقلال وحقوقنا التاريخية.

وأكَّد على أنَّ قرار الإدارة بإغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، يحثنا على الضغط على المحكمة الجنائية في التسريع في محاكمة إسرائيل وتفعيل جميع أدوات القانون الدولي والهيئات الدولية ضد جرائم إسرائيل، وبمضاعفة الجهد من أجل التواصل والتأثير في الرأي العام الأميركي بالوسائل كافّة.

المنظمات الشعبية الفلسطينية بديلًا

بدوره رأى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، أنَّ القرار كان معدًّا له منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكم، موضّحًا أنَّه كان بداية التوجّه الأمريكي الإسرائيلي نحو تصفية القضية الفلسطينية خاصة في المجال السياسي والدبلوماسي، تبعتها خطوات صفقة القرن باعتراف القدس كعاصمة لإسرائيل، ووقف الدعم للأونروا.

وأوضح حبيب في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أنَّ إغلاق مكتب التحرير الفلسطينية في واشنطن يشير إلى ما يشكّل قطيعة أمريكية مع القضية الفلسطينية من ناحية، وهو شكل من أشكال الرد والانتقام على مقاطعة القيادة الفلسطينية مع الولايات المتحدة على المستويات الرئاسية والسياسية كافة.

وتوقَّع المحلل السياسي أن تواصل الولايات المتحدة خطواتها التصفوية للقضية مستقبلًا، كونها أصبحت شريكًا لدولة الاحتلال، وليست مجرد وسيط غير نزيه، وتوصيل رسالة مفادها الاستمرار بسياساتها الانتقامية.

ونوَّه إلى وجود قيود مشدَّدة على المنظمة، ومن هذا المنطلق لابد من استغلال البدائل عن مكتبها هناك، من خلال المنظمات الشعبية الفلسطينية الطلابية والجاليات الفلسطينية، مؤكِّدًا أنَّه بإمكانها لعب دور هام في تغيير سياسة ترامب.

ولفت إلى أنَّ المطلوب فلسطينيًّا توجيه رسالة للولايات المتحدة تؤكّد فيها أنَّه على الرغم من الضغوط التي تمارس ضدها، إلا أنَّ موقف القيادة الفلسطينية سيبقى موحَّدًا وصلبًا، خصوصًا فيما يتعلق بصفقة القرن.

وكانت قد قالت الخارجية الأمريكية إنَّها ستعلن عن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، بدافع القلق من المحاولات الفلسطينية الرامية إلى دفع المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق في أمر "إسرائيل".

وجاء في في بيان الخارجية "ستقف الولايات المتحدة دائمًا مع صديقتنا وحليفتنا إسرائيل".

وأكَّدت الخارجية الأمريكية أنَّها ستتّخذ، اليوم الإثنين، موقفًا صارمًا من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، إذ ستهدد بفرض عقوبات على قضاتها إذا شرعوا في التحقيق في مزاعم عن جرائم حرب ارتكبها أمريكيون في أفغانستان.

وسيعلن جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب وفقًا لرويترز، هذه الخطوات في كلمة سيلقيها في منتصف النهار أمام الجمعية الاتحادية وهي جماعة محافظة في واشنطن، سيكون هذا أوَّل خطاب رئيس له منذ انضمامه إلى البيت الأبيض في عهد ترامب.

ووفقًا لمسودة الخطاب، فإنَّ إدارة ترامب سترد إذا شرعت المحكمة الجنائية الدوليّة رسميًّا في فتح تحقيق في مزاعم عن جرائم حرب ارتكبها أفراد من القوات الأمريكية أو المخابرات خلال الحرب في أفغانستان.

وستدرس إدارة ترامب منع القضاة ومدعي العموم من دخول الولايات المتحدة وفرض عقوبات في النظام المالي الأمريكي، وملاحقتهم أمام نظام المحاكم الأمريكي.