عماد أبو شاويش - النجاح الإخباري - فوجئت المعلمة عايدة أحمد "34 عاماً" والتي تعمل في إحدى رياض الأطفال، في اليوم الأول لبدء العام الدراسي الجديد، من قرار الإدارة بالاستغناء عنها لهذا العام، بحجة الأزمة المالية التي تعيشها الروضة.

وأنهت عايدة دراستها الجامعية تخصص تربية لغة انجليزية بتقدير امتياز، ولم تجد عملاً في مجال تخصصها طوال عشر سنوات، ما دفعها للعمل بأجر متدني يصل إلى "500" شيقل لقاء عملها لفترتين متتاليتين.

تقول عايدة أنها متزوجة وزوجها عاطل عن العمل ولم يدخل جيبه فلس منذ أشهر، بل أن أحد أطفالها في نفس الروضة لن تستطيع أن تسجله هذا العام بسبب عدم قدرتها على دفع الرسوم السنوية.

أما صابرين خليفة "38 عاماً" والتي تعمل معلمة في روضة أخرى، فقد أمهلتها مديرة الروضة حتى منتصف العام الدراسي، راهنة استمرارها بالعمل معهم بتحسن الوضع المالي.

"صابرين" تشتكي من تصرف إدارة الروضة التي رفضت الافصاح عن اسمها ومكانها، معبرةً عن سخطها من جعل مستقبلها المهني مرهون بالوضع المالي للروضة والاقتصادي للبلد، غير آبهين بسنوات عملها.

تقول خليفة أن لديها زميلات أخريات يعملن في نفس المهنة، تم تخيرهن بالقبول بين تخفيض الراتب المتدني أصلاً أو تسريحهن دون إعطائهن مستحقات، ولم يستطعن تقديم شكوى بسبب عقودهن غير الدائمة.

توجه مراسل النجاح الإخباري إلى بعض رياض الأطفال في قطاع غزة، في محاولة منه للاطلاع أكثر على تفاصيل الموضوع، والبحث في تسريح بعض المعلمات وعن اسباب انخفاض الدخل المادي للروضة.

الاستاذة ابتسام سلامة والتي تعمل لأكثر من ثلاثة عشر عاماً كمديرة روضة آفاق في المحافظة الوسطى، قالت أن الوضع الاقتصادي السيء الذي يعيشه قطاع غزة، أدى لانخفاض أعداد الاطفال المسجلين في الصف التمهيدي والبستان لهذا العام.

وحذرت سلامة من أن استمرار تقليص أعداد الأطفال الملتحقين بالروضة إلى النصف عن العام الماضي، قد يجعلهم يضطرون إلى الاستغناء عن بعض كوادر المعلمات ما يزيد من ارتفاع نسب البطالة في المجتمع.

بيد أن ابتسام سلامة أكدت على أنهم حاولوا إيجاد حلول، كتخفيض الرسوم وتقسيطها على مدار العام، وذلك حتى لا يتم حرمان الاطفال من استكمال تعليمهم الأساسي، ويساعد المعلمات على الاستمرار في العمل في الروضة دون الاستغناء عنهن.

وأضافت مديرة روضة آفاق، أن الجودة في التعليم والقيم الاخلاقية هما أهم ما نقدمه للأطفال، فهذه المرحلة تعتبر أساس المراحل التأسيسية لاستكمال الدراسة في باقي المراحل، لذلك نسعى لاختيار معلماتنا بالقدر الكافي من العلم والكفاءة لتعليم الأطفال.

بدورها قالت وسام السردي مديرة روضة مرح النموذجية، إن الازمة في نقصان أعداد الأطفال المسجلين لديهم، يرجع إلى افتتاح رياض أطفال غير حاصلة على ترخيص من وزارة التربية والتعليم، والتي لا توفر أقل الإمكانات البيئية الصحية للأطفال ولا حتى التعليمية.

ونوهت السردي لمراسل النجاح الإخباري، أن الروضة التي تديرها حصلت على جميع التراخيص اللازمة من وزارة التربية والتعليم من الفئة "أ"، وتعمل ضمن جمعية مرخصة تخضع للشروط التي حددتها الجهات المختصة، ولديها عدد من المعلمات اللواتي حصلن على شهادات تعليم رياض أطفال.

وأضافت وسام السردي، أن هذه الوضع هو الأسوأ منذ عامين، مشيرة إلى انخفاض أعداد الأطفال المسجلين هذا العام إلى النصف تقريباً، والذي سيدفعها إلى تسريح بعض المعلمات من الروضة، بسبب افتتاح رياض أطفال غير مرخصة، بالإضافة للوضع المادي الصعب لأهالي الاطفال.

وشددت السردي على أن وزارة التربية والتعليم في غزة تتحمل مسؤولية في عدم متابعة رياض الاطفال غير المرخصة، ومنحها تراخيص لرياض أطفال أخرى لا تصل إلى مستوى تعليم يستفيد منه الأطفال بالمعنى الحقيقي.

"هاله بلورة" مديرة روضة الكوخ، قالت أن العام الدراسي لم يتم افتتاحه بعد وذلك لعدم اكتمال العدد المطلوب للأطفال لبدأه، ورجحت أن لا يكون هذا العام أفضل من سابقه من حيث نقصان أعداد الأطفال المسجلين في الروضة.

وحرصت بلور على إعداد خطط واقتراحات لدعم الاطفال وعدم فصل بعض المعلمات لديها من خلال دراسة ميدانية للأطفال في الأحياء المجاورة للروضة، والسماح للحالات الاجتماعية الصعبة بالتسجيل ودفع رسوم بسيطة، قد تصل إلى ثمن الكتب الدراسية فقط.

وبالرغم من زيادة أعداد المواليد في قطاع غزة في كل عام، إلا أن هناك نقص في الاطفال المسجلين في رياض الاطفال لهذا العام إذا ما قارنه بالأعوام الفائتة وذلك حسب الاحصاءات التي تقدرها وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة.

الاستاذة "رولا السيد" مشرفة رياض الاطفال من المنطقة الوسطى في وزارة التربية والتعليم، أشارت بشكل مباشر إلى أن المشاكل التي قلصت من تسجيل الاطفال هي مادية وإدارية.

وقالت السيد إن الأوضاع الاقتصادية هي الأساس في زيادة الاشكالات لدى بعض رياض الاطفال في قطاع غزة، والبالغ عددهم 720 روضة مرخصة لدينا، منها 110 في المنطقة الوسطى.

غير أن رياض الأطفال غير المرخصة، استقطبت بعض الاطفال عن طريق تخفيض الرسوم بشكل كبير، ما جعل الروضات المرخصة لا تستطيع المنافسة بسبب بعض المصاريف التي تدفعها بشكل شهري من كهرباء وأجار مبنى ورواتب معلمات لا تغطي إلا بالرسوم السنوية.

ونوهت إلى أن هناك بعض رياض الاطفال سرحت بعض معلمات الصفوف لديها لأسباب مالية، وهذا ما جعلنا نتحدث مع الادارة لإيجاد حلول لعدم تسريحهن والعمل على إيجاد طرق لزيادة عدد الاطفال دون زيادة الرسوم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها سكان القطاع.

وقبل أيام من افتتاح العام الدراسي الجديد، عقد اجتماعاً في وزارة التربية والتعليم مع مديرات رياض الاطفال، واللاتي اشتكن بشكل واضح من منح التراخيص لبعض رياض الاطفال دون استكمال الشروط الاساسية اللازمة للأطفال من دورات مياه وملحقات ألعاب وصفوف تعليم مخصصه للتعليم.

وتضيف رولا السيد أنهم منحوا التراخيص لأربعين روضة خلال العامين الماضيين، وتم تصنيف بعض الرياض على الدرجة "ج" وهي الاقل وتحتاج إلى اهتمام ومساعدة اكثر، والدرجة "أ" هي الافضل وتنمح لها الشهادات المعتمدة بذلك.

وتؤكد رولا أن هناك تقصير في تنفيذ قرار صادر من وزارة التربية والتعليم بإغلاق بعض رياض الاطفال وهي غير مرخصة، من قبل السلطات التنفيذية في غزة.