نهاد الطويل - النجاح الإخباري - يبدو أنَّ ساكن البيت الأبيض دونالد ترامب يحاول رمي آخر أوراقه الخريفية المتساقطة لجهة تمرير "صفقة القرن"، وذلك مع اشتداد حصار التحقيقات حول رقبته قبل الانتخابات النصفيّة المقرَّرة في تشرين الثاني، فقد باتت القرارات التي تتَّخذها إداراته تراعي وضعه الداخلي المأزوم. وباتت سياسة تشديد العقوبات على كلِّ الأطراف بما فيها فلسطين هي سيد الموقف على ضوء اقتطاع (200) مليون دولار من المعونات المخصصة للسلطة الفلسطينية.

ويؤكَِّد واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أنَّه من الواضح أنَّ العقوبات التي تطال الفلسطينيين هي محاولة لتمرير صفقة القرن.

وقال أبو يوسف في تصريح مقتضب لـ"النجاح" إنَّ القيادة عبَّرت في أكثر من مناسبة عبر اجتماعات المجلس الوطني  والمجلس المركزي رفض صفقة ترامب واعتبرت القرار الامريكي الأخير ابتزازًا جديدًا لها وبلطجة أمريكية.

ولفت أبويوسف إلى استمرار تدهور العلاقات الفلسطينية الأمريكية في ظلِّ الإدارة الحاليّة. 

موضَّحًا أنَّ ​القيادة​ قطعت جميع الاتصالات مع إدارة ترامب وأعلنت أنَّها لم تعد مؤهَّلة للعب دور الوسيط في عملية السلام في ​الشرق الأوسط.

وقبل نحو أسبوعين، ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أنَّ المبلغ المقتطع يمثل تقريبًا كلَّ المساعدات الإنسانية التي تقدِّمها الولايات المتحدة مباشرة للفلسطينيين، وتساهم واشنطن أيضًا في ميزانية وكالة الأمم المتحدة التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، غير أنَّ إدارة ترامب خفضت مساهمتها، في وقت سابق من العام.

وبحسب المصادر فإنَّ وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، وجاريد كوشنير، صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاري الشرق الأوسط، هم من قرروا التخفيضات في اجتماع رفيع المستوى، مطلع الشهر الجاري، ويأمل كوشنير أن تشكّل هذه التخفيضات في المساعدات ضغوطًا على الفلسطينيين لقبول خطة السلام المقترحة من الإدارة الأمريكية.

توقيت غامض!

وما يزال موعد الإعلان عن "صفقة القرن" غامضًا رغم إطلاق البيت الأبيض يد العقوبات باتّخاذ خطوات خطيرة لتنفيذ الصفقة عبر محاولة سحب ملفات رئيسة من أي اتفاق مستقبلي، وهي القدس واللاجئون وقطاع غزة.

وفي هذا السياق يؤكِّد الكاتب حمزة أبورمان أنَّ البيت الأبيض يحاول تمرير صفقة لا تتضمن الحدَّ الأدنى من المطالب الفلسطينية، ولا يمكن لأيّ زعيم فلسطيني أو عربي أن يقبل بمثل هذا "الحل" الذي هو بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية ورضوخ كامل لإسرائيل.

وتوقع أبو رمان لـ"النجاح" أن تحجم الإدارة الأمريكية عن الإعلان عن تفاصيل الصفقة رسميًّا في ظلِّ التسريبات التي تؤكّد أنَّ ادارة ترامب أجَّلت هذا الإعلان لما بعد الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة؛ أي بعد شهر تشرين الثاني المقبل.

ويحذِّر أبورمان من الموقف الفلسطيني المنقسم على نفسه لجهة ما يدور في كواليس جر "حماس" لعقد اتفاقية هدنة مع إسرائيل.

والمقلق بحسب أبورمان هو أن تلعب الإدارة الأمريكية وإسرائيل دورًا "مشبوهًا" بمساعدة أطراف عربية وازنة لتوقيع اتفاق هدنة طويل تحت أغراض إنسانية للوضع الصعب في غزة.

 

التهاب الموقف

وما يزيد الموقف التهابًا هو ما كشفته القناة الإخبارية الاسرائيلية "ريشت"، في تقرير لها، أنَّ ​البيت الأبيض​ يستعد في الأيام القليلة المقبلة للإعلان عن سياسة جديدة تهدف إلى "إلغاء ​حق العودة​ للفلسطينيين" من خلال برنامج من سلسلة خطوات تهدف بالأساس الى إلغاء ​مفوضية شؤون اللاجئين​ الفلسطينيين "​الأونروا​".

وأشار التقرير إلى أنَّ بدء تطبيق السياسات الجديدة للولايات المتحدة سينطلق مطلع الشهر القادم، حيث ستقوم الحكومة الأميركية بالإعلان عن سياستها الجديدة بالتعامل مع منظمة "أونروا"، كما ستبدأ باعتراف واشنطن بوجود نصف مليون لاجئ فلسطيني فقط من أصل (5 ملايين) لاجئ فلسطيني كما تشير منظمة أونروا.

ووفق القناة، فإنَّ خطة أخرى وهامة ستتخذها إدارة ترامب، بسحب اعتراف واشنطن بمفوضية شؤون اللاجئين الفلسطينيين، على أن تعترف واشنطن بالمفوضية بأنَّها مفوضية شؤون لاجئين بشكل عام.

وتعقيبًا على تقرير القناة الإسرائيلية، أفاد مسؤول في البيت الأبيض قائلًا إنَّ الإدارة ستعلن عن سياساتها الجديدة باتجاه الأونروا في الوقت الذي تراه مناسبًا.

وكانت واشنطن أوقفت في السنوات الأخيرة مساعداتها المباشرة إلى خزينة السلطة الفلسطينية، لكنَّها أبقت على دعم مشاريع تنفذها الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) في الضفة الغربية. 

وفي بداية العام الجاري قلّصت الإدارة الأمريكية بشكل كبير من مساعداتها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ما اعتبره الفلسطينيون محاولة لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين.

ويتزامن القرار الأميركي مع موجة من خفض الأجور وتسريح المئات من عمال وموظفي وكالة الغوث (أونروا) وغيرهم من عمال الإغاثة الدوليين في الضفة الغربية وقطاع غزَّة المحاصر الذي يواجه أسوأ أزمة إنسانية منذ عام (67) من القرن الماضي.

المحمود : العقوبات لن تفلح

وفي هذا الإطار أوضح المتحدّث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود أنَّ السياسة الأمريكية التي تتمحور حول قطع ووقف الالتزامات المالية لفلسطين أثبتت خطأها الفادح وعدم جدواها، في تحقيق الأهداف المعلن وغير المعلن عنها.

وذكر المحمود أنَّ إدارة الرئيس ترامب أوقفت كلَّ الالتزامات الماليّة قبل أكثر من سنة من الآن لكن دون الإعلان رسميًّا عن ذلك.

في المقابل ردَّت القيادة الفلسطينية على السلوك الأمريكي بوقف اتصالاتها السياسية مع البيت الأبيض، بعد قرار الاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل"، ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة نهاية العام الماضي.

ترامب محاصر ..

وتأتي هذه المعطيات في ظلِّ مواصلة حصار ترامب في البيت الأبيض على ضوء  التخبُّط السياسي الذي تشهده الولايات المتحدة حاليًا خاصة نتيجة اعتراف اثنين من رجال ترامب بالتورط في عدد من القضايا التي يمكن أن تؤدي إلى عزل ترامب من الحكم وهو ما قد يلقي بظلاله على العديد من القضايا في منطقة الشرق الأوسط خاصة قضية فلسطين.