عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - يسود المشهد السياسي في غزة حالة ضبابية غير مسبوقة من الغموض في أعقاب التصريحات الإسرائيلية حول شن الاحتلال حملة واسعة النطاق على القطاع المحاصر منذ 11 عاماً، بالإضافة إلى استئناف عملية الاغتيالات بحق قادة حركة حماس، خصوصاً وأن الاحتلال قصف العديد من الأهداف في غزة الأسبوع الماضي بأكثر من 150 صاروخاً.

ويدور الحديث أيضاً عن جهود مصرية وأممية بشأن عقد هدنة طويلة المدى بين حماس وإسرائيل، إلا أن الاحتلال ينفي في تصريحات عديدة لقادته أي اتفاق وقف إطلاق النار مع غزة.

خبراء بالشأن الإسرائيلي والعسكري، يروا في أحاديثهم لـ"النجاح" أن نتنياهو وحكومته قد يلجؤوا إلى استخدام القوة العسكرية المفرطة ضد قطاع غزة في حال فشلت جهود التهدئة، مشيرين إلى أن قطاع غزة أمام العديد من السيناريوهات خلال المرحلة المقبلة.

وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وفي افتتاح جلسة الحكومة الاسبوعية هدد بمواجهة عسكرية شاملة مع القطاع، مشيرا الى أن الخطط العسكرية العملية جاهزة وحاضرة لكل السيناريوهات.

 واعتبر نتنياهو أن "إسرائيل" "في اوج المواجهة مع حماس الان"، وان الامر لن ينتهي بضربة واحدة بظل التصعيد على الجبهة الجنوبية، وان المطلب واضح ألا وهو وقف كامل لإطلاق النار واسرائيل لن تقبل بأقل من ذلك، وسيعمل الجيش على استعادة الأمن لسكان الجنوب".

عملية عسكرية

الخبير بالشأن الإسرائيلي، د.عمر جعارة رجّح أن يلجأ نتنياهو وليبرمان إلى استخدام القوة العسكرية المفرطة ضد قطاع غزة، لافتاً إلى أن 66% من الإسرائيليين ضد هدنة مع حماس ووقف إطلاق النار.

ويقول جعارة لـ"النجاح": إسرائيل الآن في حالة إرباك وقلق وحيرة، وهناك ضغوطات كبيرة تواجه نتنياهو وحكومته بشأن القطاع، وأنا أتوقع أن يعلن نتنياهو بشن عملية عسكرية كبيرة على غزة إذا لم يصل لاتفاق تهدئة مع المقاومة في غزة".

وأضاف " الوسيط المصري هدد قيادة حماس والمقاومة أنه في حال لم يتم عقد اتفاق تهدئة مع إسرائيل، فستلجأ إلى القوة العسكرية ضد غزة".

 ولم يستبعد الخبير بالشأن الإسرائيلي لجوء الاحتلال لسياسة اغتيالات قادة المقاومة في غزة، خصوصاً وأن إسرائيل على وشك تفجير الوضع القائم.

وتابع " المقاومة متمسكة بمبدأ القصف مقابل القصف والهدوء مقابل الهدوء.. لأنها لا تريد حرباً كل ما تريده كسر الحصار عن غزة"، مستدركاً "لكن إسرائيل تحاول كسر هذه القاعدة.. تريد أن تقصف دون أن ترد المقاومة".

وكان جنرال إسرائيلي قد هدّد اليوم الأحد، أنَّ أيَّة حرب قادمة في قطاع غزة يجب أن تبدأ بما وصفه بـ"برأس الأفعي"، معتبرًا أنَّه من الضروري استئناف "سياسة الاغتيالات ضد قادة حركة حماس".

وقال الجنرال منير ضاهر، العضو السابق في قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإسرائيلية، أنَّه "آن الأوان لوقف مسلسل الاستنزاف من حماس، وقد حان وقت التعامل مع قادتها؛ لأنَّ الحرب غير التناظرية التي تجريها الدولة مع الحركة لا بد لها من حسم نهائي، وفق صيغة أن ربَّ البيت أصيب بالجنون".

حالة جنون

في السياق ذاته، استبعد الخبير بالشأن الإسرائيلي، د. وديع أبو نصار أن يلجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى سياسة الاغتيالات في قطاع غزة، مشيراً إلى أن هناك حالة من الجنون في إسرائيل حيال قطاع غزة .

وبحسب تحليل أبو نصار لـ"النجاح"، فإن قد يتطور في قطاع غزة، مستدركاً " لكن لن يتطور إلى عدوان كبير ، بل سيكون هناك قصف لبعض الأهداف، ويقابله قصف من قبل المقاومة في غزة".

أما بشأن التهدئة بين حماس وإسرائيل، فيرى أن جميع الأطراف معنية بتهدئة في القطاع، في ظل الجهود الجبارة التي تبذل من الأمم المتحدة ومصر، لافتاً إلى أنه في حال فشلت جهود التهدئة فستعود الحالة إلى ما عليه الآن، على حد تعبيره.

وكان مسؤولون كبار في الاجهزة الامنية "الإسرائيلية" ادعوا بأن احتمال اغتيال قيادات حماس  كانت في مراحل متقدمة  في الاشهر الماضية ولكن القرار فقط بيد المستوي السياسي  وهو يختار متى يشاء ويقرر ولكن الامر يتطلب استعدادات "إسرائيلية" لجانب قرار الاغتيالات، وفق صحيفة "هارتس".

وبحسب "هارتس" فإن ضباط من قوات الاحتلال يفضلون مهاجمة مرافق استراتيجية لحماس على مواجهة شاملة، مع ذلك قال ضباط كبار بأن وزراء الحكومة ووزراء الكابينت لم يوضحوا ما هي الاهداف التي يجب تحقيقها بعد القتال مع قطاع غزة .

عدة سيناريوهات

وفي الإطار ذاته، ذكر الخبير بالشأن العسكري، اللواء واصف عريقات، أن قطاع غزة أمام عدة سيناريوهات خلال المرحلة المقبلة، في ظل حديث الإعلام العبري عن توجه قيادة الاحتلال إلى اللجوء لسياسة الاغتيالات.

وقال عريقات لـ"النجاح الإخباري": "إن نتنياهو وليبرمان ارتكبوا الكثير من الحماقات وجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، لذلك حكومة الاحتلال متطرفة وتفعل ما تريد من خلال القوة العسكرية"، لافتاً إلى العديد من السيناريوهات التي قد تحصل خلال المرحلة المقبلة.

وأول هذه السيناريوهات، بحسب الخبير العسكري يتمثل بلجوء الاحتلال إلى تدمير البنية التحية لقطاع غزة بالكامل، متوقعاً أن تعود أيضاً سياسة الاغتيالات.

وأضاف عريقات:  "ومن بين السيناريوهات المتوقعة أيضاً اجتياح بري لقطاع غزة للقضاء على العمل العسكري في غزة الذي يهددهم"، مشيراً إلى أن السيناريو الرابع قد يكون في تكثيف التصعيد الإسرائيلي والقصف وارتكاب المزيد من الجرائم.

وأوضح أن نتنياهو استخدم الكثير من الأساليب ضد شعبنا في غزة، مؤكداً أنه لم ينجح في النيل من عزيمة وإرادة الشعب الفلسطيني.

ويجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينيت" اليوم الأحد لمناقشة آخر التطورات في العلاقة مع قطاع غزة، خاصة بعد جولة التصعيد الأخيرة التي توقفت بعد تدخل مصري يسعى الوصول إلى اتفاق تهدئة مع حركة حماس.

الجدير ذكره، أن قطاع غزة شهد الاسبوع الماضي جولة تصعيد كبيرة بين المقاومة في غزة وإسرائيل تخللها إطلاق صواريخ على مستوطنات محيط غزة وصولاً إلى عسقلان، وهي المرة الأولى منذ عدوان صيف 2014، فيما قصف الاحتلال الإسرائيلي عشرات المواقع في القطاع بأكثر من 150 صاروخاً كان آخرها قصف مركز المسحال الثقافي.