وفاء ناهل - النجاح الإخباري - أوضاع صعبة يعيشها قطاع غزة، على كافة الأصعدة منذ 12 عاماً، وهي عمر الحصار الإسرائيلي على القطاع براً وبحراً وجواً، فنسبة الفقر والفقر المدقع  ازدادت بشكل كبير، نتيجة الحصار الخانق، وزيادة العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الاحتلال على غزة، والتي كان آخرها اغلاق معبر كرم أبو سالم، ومنع دخول شاحنات تحمل سلعاً اساسية لغزة"، تححت حجج واهية.

وفي هذا السياق تم الحديث قبل أيام عن إعلان وزارة الاقتصاد التي تسيطر عليها حماس في غزة،  أنها بصدد عقد لقاءات في العاصمة المصرية القاهرة بعد عيد الأضحى المبارك عبر وفد اقتصادي، برئاستها لتوفير كافة احتياجات الشعب الفلسطيني في القطاع.

وحول التنسيق قبل الإقدام على هذه الخطوة، مع وزارة الاقتصاد الوطني، تواصل "النجاح الاخباري" مع الوزراة:" والتي أكدت أنه لم يتم التواصل معها حول هذا الموضوع، كما أنه ليس لدى الوزارة اي معلومات حول هذه الخطوة".

القاء عبء غزة على مصر انتهاك للقانون الدولي

من جهته قال الخبير في القانون الدولي د.محمد الشلالدة:" الوضع القانوني في الأراضي المحتلة سواء القدس أو الضفة أوغزة التي تخضع لقانون الاحتلال الحربي، فإن اتفاقية جينيف الرابعة تنص على أن:" سلطة الاحتلال مؤقتة وهي المسؤولة عن إدارة الإقليم الذي تحتله وعن حماية السكان المدنيين،  بغض النظر عن إتفاقية اوسلو وتقسيم المناطق"أ" و"ب" و"ج"

وتابع:" ما زال الوضع القانوني في غزة يخضع لقانون الاحتلال الحربي والدليل أن كل منافذ غزة جواً وبحراً وبراً،  تخضع لسيطرة الاحتلال حتى أن أي هوية او شهادة ميلاد هو المسؤول عنها".

وأضاف شلالدة في حديث لـ"النجاح": الاحتلال يسعى لالقاء عبء غزة على مصر، وهذا يعد إنتهاكا صارخا للقانون الدولي الانساني وكافة الإتفاقات الموقعة وقرارات الامم المتحدة في هذا الجانب لأنه يحول دون حق تقرير المصير ويصعد من تفاقم الأوضاع".

التعاون ما بين مصر وغزة يجب أن يتطور

الخبير الاقتصادي محسن ابو رمضان أكد أن :"أي علاقة إقتصادية بين غزة ومصر مفيدة للطرفين فغزة تستهلك من المنتجاب والبضائع الإسرائيلية حوالي( 2.5 )مليار دولار سنويا وبالتالي سيستفيد الإقتصاد المصري إذا تم إحلال البضائع المصرية بدل الاسرائيلية".

وتابع في حديث لـ"النجاح": التعاون الإقتصادي بين مصر وغزة إذا بدأ يجب ان يتطور بإتجاه انشطة ومشاريع إقتصادية مشتركة، كإقامة منطقة تجارية وصناعية حرة وهو ما يجب التركيز عليه في سياق تحسين الاقتصاد بغزة، والتصدي للفقر والبطالة وفتح فرص عمل".

وفيما يتعلق بالاسعار قال أبو رمضان:" بالنسبة للأسعار هي بحاجة لمعرفة بشكل أكبر،  فيما يتعلق بالمعلومة فبعض الأخبار تقول أن الغاز المصري أقل سعراً من الإسرائيلي، لكن يتم بيعه بنفس السعر الأسطوانة التي يتم الحصول عليها من إسرائيل، وتم تبرير ذلك من قبل هيئة البترول أنه يتم بيعه بالسعر العالمي، وهذا بحاجة لمزيد من البحث".

وأضاف:"  اذا تم اعتماد المنتجات المصرية هذا يصب في مصلحة المواطن الفلسطيني فهي أقل سعراً من الاسرائيلية، كما ان المنتجات المصرية بمجالات الأدوية والأغذية تكلفتها أقل كما أن نوعيتها وجودتها جيدة، كل هذه المعلومات تتطلب أن نتعامل إيجابياً مع هذه المعطيات، وفي الوقت نفسه يجب أن نكون حذرين من الناحية السياسية، إذا ما كانت مثل هذه الإتفاقات خارج إطار السلطة  الفلسطينية، لان هذا الأمر سيؤثر  على موازنة الحكومة لأن أموال المقاصة لن تقدم لها وهذا سؤثر على الخزينة المالية، ويضعف قدراتها الإقتصادية والتنموية".

غزة لم تعد تحتمل

من جهتة اخرى قال الخبير الاقتصادي سمير ابو مدللة :" إن الحصار على غزة لمدة (12) عاماً، جعل الأوضاع الإقتصادية سيئة جداً، فاسرائيل منعت الكثير من السلع من دخول غزة تحت زعم أن لها إستخدام مزودج ونحن نعلم أن (80%) من المصانع بغزة تعتمد على المواد الخام التي تدخل  من الجانب الإسرائيلي، بالتالي منع دخول هذه المواد ادى لإغلاق العديد من المصانع، كما أن عملية الإعمار تأخرت بالتالي المستفيد إقتصادياً دولة الاحتلال لأن إقتصادنا ضعيف وتابع لإقتصاد اسرائيل".

وتابع أبو مدللة في حديث لـ"النجاح": إسرائيل ومصر والامم المتحدة وأمريكا،  الكل يدرك أنه يجب أن يتم التخفيف عن قطاع غزة، والكل يدرك أيضاً أن الحصار المستمر  سيؤدي لانفجار بالقريب العاجل في غزة،  فالأمر أصبح لا يحتمل على كافة الأصعدة والمجالات والمؤشرات الإقتصادية سواء مؤشرات القطاع الخاص الفلسطيني او القطاع الإستهلاكي ونسبة الفقر والبطالة، تؤكد على ذلك".

وأضاف:" كل الدوائر والوزارات في السلطة الفلسطينية تضع إستراتيجيات للتخلص من العلاقة مع إسرائيل والتوجه للعمق العربي ، فالسلطة الفلسطينية  لم توقع إتفاقية باريس الاقتصادية مع اسرائيل فقط، بل وقعت إتفاقيات مع مصر والأردن وإتحاد المغاربة ودول أمريكا اللاتينية والإتحاد الأوروربي وهذه الإتفاقيات لم نستطع الاستفادة منها  بسبب سيطرة إسرائيل على المعابر والتعنت".

وأشار أبو مدللة:"  لكن هناك حسابات لأموال المقاصة، والأمر الاخر الذي يتعلق بقضية  الإنفصال الإقتصادي وإنفصال القطاع عن الضفة،  مع أن كل الفصائل أكدت أنها لن تسمح بأن يكون هناك تمرير للمشاريع الإنسانية على حساب الحقوق السياسية وهذا ما أجمعت عليه كل الفصائل، كما أن مصر صرحت أنها لن تسمح بأن يكون قطاع غزة تابع لمصر،  ومصر يهمها أمن وإستقرار غزة فهي الخاصرة الجنوبية لها حيث تعرضت مصر عبر التاريخ لـ(57) غزوةً منها (55) من جانب قطاع غزة بالتالي يهمها أمن وإستقرار غزة لكن لن تطمح لإدارة غزة".

وأكد ان :" اسرائيل تمارس حصار وتضع الأولية الأمنية على الإقتصادية والسياسية فالأمن الأولوية للجانب الاسرائيلي، حيث تبيح دولة الاحتلال خنق سكان غزة ومنع المصابين من العلاج ومنع حرية الحركة، حيث أن هناك  جيلاً عاش (12) عاماً وشهد (3) حروب بجدول كهرباء لمدة (4) ساعات فقط ، من يمكن أن يحتمل كل هذه المعاناة؟، لذلك فإن الكل يجمع أن يجب التخفيف عن القطاع،  مع أن البعض يتخوف من تعطيل المصالحة لكن الجانب المصري يسير على خطة إتمام المصالحة أيضاً".

وحول الفرق في التسعيرة ما بين منتجات اسرائيل ومصر قال أبو مدللة:" المعلومات المتوفرة إن سعر البنزين مثلاً القادم من مصر سيكون بنفس سعر القادم من الجانب الاسرائيلي، وهناك دعوات من إقتصاديين لمعرفة التكلفة الحقيقية وتكلفة النقل وأن يكون هناك فرق في الاسعار ما بين المنتج المصري والإسرائيلي".

كما أنه  يجب الاستفادة من الإتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية والتي اعاقها الاحتلال فاتفاق باريس اعطى للجانب الفلسطيني الحق بإستيراد الوقود من الاردن، لكن عراقيل الاحتلال الإدارية والأمنية حالت دون الإستفادة من هذه الإتفاقات التي وقعتها السلطة الفلسطينة حيث أن هناك حوالي (20) إتفاقية لم يتم الاستفادة منها بسبب الاحتلال".

بالون اختبار

وفي سياق متصل أكد المحلل السياسي جهاد حرب :" أن هذه المعلومات حول توجه وفد إقتصادي من غزة لمصر ما زالت غير مؤكدة وهذه محاولة البدء بتطبيق ما سمي بالورقة المصرية سابقاً والتي تم تعديلها، ولربما تكون محاولة لوضع القيادة الفلسطينية أمام أمر واقع  بأن هناك تطورات لتخفيف الحصار عن غزة وأن حماس ترغب بتطوير علاقتها بمصر لكن حتى الان هذا غير مؤكد وكأنه بالون اختبار أمام القيادة".

وتابع حرب في حديث لـ"النجاح": في حال تم تأكيد هذه الخطوة  فالامر سيكون بمثابة جنوح عن المصالحة وأن حماس تبدأ بخطوات مع أطراف إقليمية لفصل القطاع عن الضفة".

وحول محاولة إسرائيل إلقاء عبء غزة على مصر قال حرب:" إسرائيل تسعى منذ زمن لإزاحة عبء إحتلالها لغزة ورمي الثقل على مصر فهذا سيريحها من كل التبعات المتعلقة بالقانون الدولي، لكن الحكومة المصرية لم ولن تقبل بهذا الأمر والذي له عدة محاذير ليس فقط اقتصادياً ولكن امنياً وكذلك من ناحية الالتزامات الدولية".

وأضاف:" لا أعتقد أن مصر بهذه السذاجة للقبول بإحداث تغيير للوضع القانوني بغزة، فالحكومات المصرية المتعاقبة تخشى تحمل الأعباء الاقتصادية والأمنية والقانونية، وهي لا تريد عودة الأوضاع بغزة لما قبل عام (1967) حينما كان قطاع غزة تابعاً لمصر".

وسط كل هذا السجال ووجهات النظر المختلفة، يبقى قطاع غزة محاصراً، في ظل غياب التوقعات بأن يكون مجرد لقاء اقتصادي كفيلاً بالحل.