جهاد قاسم - النجاح الإخباري - ربما يضيق ذرعًا أي مسؤول عندما يتعرض لبعض الاسئلة من قبل صحفي يمتلك المعلومات والدلائل او لبعض ما نطلق عليه بلغة الصحافة " الاسئلة اللاسعة" دلالة على قوتها في احراج المسؤول و عندما تبدأ بالحديث معه عن انجازاته واخفاقاته ، فكيف عندما يقف هذا المسؤول امام عشرات الصحفيين الذي يعملون كرؤساء تحرير او مدراء في مؤسساتهم الاعلامية فحينها كما يقال باللغة العامية " الله يعينوا علي ما ابتلاه" . 

الموقف ذاته كان يوم امس عندما دعا رئيس الوزراء د.رامي الحمدلله مجموعة من هؤلاء الصحفيين وأجلس عن يمينه وزير المالية وعن شماله وزير الصحة والتربية والتعليم والعالي وقال الحكومة امامكم فحاسبوها. 

ربما تكون هذه الصورة غريبة في مجتمعنا ومعروفة في بعض الدول الغربية لكن أن تأتي متاخرا خير من ان لا تأتي، فهذا التطور في وضع الحكومة موضع مسؤولية أمام من يساعد في صناعة الراي العام يشير الى مدلولات حقيقية الى التطور الكبير في نظام المكاشفة والمحاسبة التي هي من حق الصحفي والمواطن وهي من واجب الحكومة اصلا.

 بدأ الحمدلله الذي جاء مدعما نفسه بمجموعة كبيرة من الاوراق بعرض كثير من الحقائق في الضفة الغربية وغزة ليس بقراءة ما هو مكتوب بل بعرضه على شاشة كبيرة في قاعة مجلس الوزراء , لكن غزة احتلت الجزء الاكبر من الحديث . لا شك ان كل مسؤول يريد ان يبين صورة حكومته بانها الافضل في تاريخ حكومات بلده وهذا شيء طبيعي وان لم يكن ذلك فهناك مشكلة اصلا، فاي حكومة تأتي لان تكون افضل من سابقاتها. لكن الحمدلله لم يقل ذلك صراحة بل ترك الارقام هي من تثبت ذلك للصحافيين وجعل القرار بين ايديهم على عكس وزير المالية شكري بشارة الذي قال صراحة قارنوا الارقام الان في الديون والانفاق والايرادت مع من سبقونا. 

حقائق كثيرة قالها الحمدلله ومع كل حقيقة يتبعها بجملة جاهزون للحساب والسؤال، وكانه يذكر في بضعة دقائق عقول الصحفيين ركزوا هناك فهذا سؤال جيد لكم وانا اتقن اجابته كثيرا فالحقائق بحوزتي. 

ربما قاعة مجلس الوزراء منذ يوم امس الى اليوم وهي تردد صدى الارقام التي ظهرت في جلسة المكاشفة هذه، فالحمدلله قال ان ما تم انفاقه على غزة منذ الانقلاب بلغ 17 مليار، وما يتم انفاقه بشكل شهري الان هو ما يقارب 95 مليون دولار ، مضيفا ان الحكومة كانت تنفق 115 مليون دولار وخفضت ذلك الى 95 مليون فهي كانت تدفع رواتب 70% من الموظفين والان تدفع 50% مطالبا حماس بتمكين الحكومة ومعرفة اوضاع الموظفين بمن هو على رأس عمله او من هو يأخذ راتبا وهو لا يعمل او مسافر.

الحمدلله عرف جيدا ان سؤالا روتينيًا سوف يكون أول سؤال موجه له وهو عن إجراءات القيادة في غزة او ما تسميها حماس بالعقوبات ، مؤكدا انها اجراءات مؤقتة تذهب حال انهاء الانقسام وتمكين حكومة الوفاق. 

ومع ان معظم الاسئلة كانت توجه للحمدلله الا انه كان لوزير المالية شكري بشارة جانب كبير من الاسئلة فهو يتربع على ملف اموال الدولة كلها بجبايتها وديونها ، الا أن السؤال الاول لبشارة كان ساخنا كثيرا حتى انه كان اشبه بالشكوى لوالد الحكومة د.رامي الحمدلله حين طالب احد الصحفبين رئيس الوزراء بتعيين ناطق رسمي لوزراة المالية التي لا نعرف عنها شيء وغير متعاونة مع الاعلام وكانها امبراطورية لوحدها تستقل عن الحكومة. 

ومع ان بشارة اجاب على العديد من الاسئلة الا انه تهرب كثيرا من الارقام فهو لا يريد عرضها ..فالاجابات كانت بالمتن والاسطر العريضة بعيدة عن التفاصيل الا انه كما اوضحت سابقا يقول الاخر صراحة وتلميحا ان هذه الحكومة التي استلمت زمام الامور منذ 5 سنوات هي الافضل. 

تحدث الحمدلله وبشارة كثيرا بكلام وتصريح ارتجالي ، لكن وزير الصحة اكتفى لداية بقراءة ورقة كتبها مسبقا وقرأها لاحقا، مؤكدا على ان وزارته تعمل على تطوير الوضع الصحي كثيرا وهي في مرحلة تقدم ..مثلها كمثل وزارة التربية والتعليم التي ايضا شدد فيها صيدم على التطور في وزارته وكانه كان سباقا بين الوزراء بطريقة مباشرة في الوصول الى رضى رئيس الحكومة والصحفي والمواطن وربما يكون ذلك تكتيكا  في شخصية وزير فهو الان يُسأل. 

لم اتمكن من طرح اي سؤال لرئيس الحكومة او الوزراء فهي جلسة تعج بالاسئلة والاجابات ...الاجابات التي شدد فيها الحمدلله على دور الحكومة في انهاء الانقسام ودعم مستشفيات القدس ودراسة اتفاقية باريس الظالمة وانهاء الاستيطان ودعم المواطن ..الا اني اقتنصت تلك الفرصة لاذهب عند مخرج القاعة حيث ستخرج الحكومة ورميت بسؤالي لرئيس الحكومة دون ان يسمح لي وقلت له ..هل في مشروعك السياسي اي طموح لان تكون رئيسا مستقبليا في اي انتخابات رئاسية قادمة؟ فاجاب احد المسؤولين هذا ليس سؤالًا.. ..لكني انظر الى الحمدلله وانتظر بشغف تلك الاجابة...صمت قليلا وقال : " أتمنى أن يعيش الرئيس مائة عام أخرى لكي أنتخبه" . إجابة تُشفي غليل التسريبات وصفحات الفيسبوك المجهولة والمصادر غير المعروفة .