فهمي شراب - النجاح الإخباري - الفلسطينيون هم رأس الحربة في معركة إسقاط صفقة القرن (صفقة السلام الأمريكية)، ومهما ضغطت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل لكي تؤثر على الدول العربية من اجل تمرير هذه الصفقة، فلا ولن يجرؤ احد من زعماء العرب أن يتجاوز السلطة الفلسطينية، أو يجعل حماس مطية لتنفيذ هذه الصفقة التي هي عبارة عن حصيلة خطط خبراء الأمن الإسرائيليين لمحاولة إيجاد حلول ومخارج لإسرائيل، وضمان أمنها واستقرارها، وفتح جميع الأسواق العربية والإسلامية لاقتصادها وصادراتها، وإقامة جسر تطبيعي بقطار سفر يعبر الدول دونما حواجز، وكأن إسرائيل أصبحت من خلاله إحدى مكونات المجتمع العربي (الشرق أوسطي). ومن ضمن ما يترتب على ذلك، شطب حق اللاجئين في العودة وضمان القدس موحدة لإسرائيل، ووقف مخصصات الاونروا وتجفيف منابع دعمها، والدخول في مرحلة تهويد الدولة الإسرائيلية لكي يتم التخلص من (عرب 48)، والذين بدأت تقوى شوكتهم، وبدأت هذه الفئة الفلسطينية تظهر رفضها بل ومقاومتها لسياسات إسرائيل العنصرية، وحتى إن عمليات فدائية قام بها شباب وثوار فلسطينيو 48. الأمر الذي جعل الدوائر الإسرائيلية الأمنية والسياسية والإستراتيجية تجمع على ضرورة إيجاد حل بالترانسفير القسري مرة أخرى لهؤلاء الذين يقطنون بين ظهرانيهم وفي العمق الإسرائيلي.

وبرغم أن الصحيفة العبرية  (يسرائيل هيوم) نشرت، أن مسئولين كبار من مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، سلموا المسئولين الأمريكيين رسائل تفيد، بأن الدول العربية المعتدلة، لن تمنع الإدارة الأمريكية من تقديم خطة السلام، حتى بدون موافقة الرئيس محمود عباس، فان بيان الرئاسة المصرية والخارجية المصرية الذي جاء ليؤكد على ان حل القضية الفلسطينية يكمن في التمسك بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها الشرقية، وهذا البيان مضافا عليه ردود الأردن والسعودية الرافضة لصفقة القرن، كل ذلك يؤكد بان هذه الصفقة ليست قدرا مكتوبا يجب على الفلسطينيين القبول والتسليم به. ويؤكد أن الولايات المتحدة مهما اتخذت من قرارات عقابية من اجل التأثير على صانع القرار الفلسطيني، فإنها لا تستطيع فرض إرادتها في المنطقة.  وما كانت زيارات كوشنير وجنرينبلات إلا دليلا على فشل تمرير  هذه الصفقة وتنفيذ بنودها .

ستظل الولايات المتحدة تعتمد نظرية (العصا والجزرة) الترغيب والتهديد، فتارة تهدد وتقطع المساعدات وتارة تعقد المؤتمرات لكي تناقش مساعدة الفلسطينيين وإغاثتهم. مستغلة الانقسام وأطرافه ومحاولة الاستفادة لصالح إسرائيل من خلال هؤلاء الفلسطينيون المنقسمون المتناحرون.

فان الانقسام يتيح لها  هامش عريض للمناورة والتأثير من اجل تحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب لإسرائيل.

لذ، وجب على الفلسطينيين أن يغلقوا أي ثغرة تسمح للأمريكان والإسرائيليين بالعبور نحو العمق الفلسطيني والتأثير عليه بإتمام المصالحة واستعادة النظام السياسي الفلسطيني موحدا وممثلا  إطار جامع لجميع الفلسطينيين، لكي نسقط ذرائع من تنصلوا من مسئولياتهم من عرب وعجم، ولكي لا تتشرذم الحالة الفلسطينية أكثر وأكثر.

فالصوت الفلسطيني برغم مأساة المشهد الحالي، أصبح مسموعا أكثر، والحقيقة في معرة الروايات الإسرائيلية والفلسطينية باتت أكثر جلاء ووضوحا. وباتت القضية الفلسطينية تكسب نقاطا إضافية في دول الغرب،  وسياسات إسرائيل الدموية أصبحت مكشوفة ومرفوضة من قبل الرأي العام الدولي،

ومما كان لافتا ويمكن ذكره كنماذج نمطية في السلوك باتت تزداد يوما بعد يوم أن مذيع بريطاني شهير  يسمى"أندرو مار" كان مشاركاً في حلقة في برنامج (البي بي سي) ، بتاريخ الثامن من أبريل الماضي، مع مذيعة أخرى وصحفية بريطانية يتحدثون عن عمليات القتل بالكيماوي التي يتهم النظام السوري بتنفيذها في سوريا وتتسبب بقتل المئات من السكان وخاصةً الأطفال والنساء.

وقال مار: "لا يحدث القتل فقط في سوريا، بل هناك أيضا يذبح ويقتل العديد من الأطفال الفلسطينيين في غزة على يد القوات الإسرائيلية".

كما أن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض "سارة ساندرز" تعرضت بالأمس لأبشع الرفض المجتمعي وتم طردها من مطعم أمريكي، هي وجميع أفراد أسرتها ومن يعمل معها، لأنها تعمل في إدارة دونالد ترامب، حيث باتت هذه الإدارة ومن يمثلها محل ازدراء ورفض من قبل الرأي العام والنخب والنشطاء الفاعلين. وباتت سياسة الولايات المتحدة التي تقوم على الصفقات دون أسس أخلاقية محل رفض واستنكار ومقاومة.

وفي الأخير، إن ثبت الفلسطينيون على مواقفهم الرافضة للصفقة فلا احد يستطيع تمريرها، فالكلمة الأولى والأخيرة للشعب وقيادته الرافضة لهذه الصفقة الأمريكية الإسرائيلية. على الفلسطينيون أن يتحدوا وان يتم البدء اليوم قبل الغد في رفع العقوبات عن قطاع غزة والاستجابة للإرادة الشعبية التي وضحت فعالياتها في مدن الضفة الغربية وفي قطاع غزة والرافضة لهذه الإجراءات التي تعزز الانقسام.