النجاح الإخباري - وقَّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء 20 يونيو/حزيران 2018، مرسوماً يُنهي فصل الأطفال عن أهلهم بعد توقيفهم على الحدود مع المكسيك، لدى محاولتهم العبور بصورة غير قانونية، بعد أن أثار الأمر استنكاراً في الداخل والخارج.

وقال ترمب خلال توقيع المرسوم في البيت الأبيض "الأمر يتعلق بإبقاء العائلات معاً. لم أشعر بالارتياح لمرأى العائلات وقد فُصل أفرادها عن بعضهم".

وأضاف: "ستكون لدينا حدود قوية جداً، ولكننا سنُبقي العائلات معاً"، في حين أنه أعلن بنفسه، في بداية مايو/أيار، اعتماد سياسة عدم التهاون التام مع الهجرة غير الشرعية، التي تم بموجبها فصل أكثر من 2300 قاصر عن أهلهم، بعد توقيفهم عند الحدود، ومعظمهم من الفارِّين من العنف في وسط القارة الأميركية.

وتابع ترمب: "أعتقد أن أي شخص لديه قلب كان سيتصرَّف بالطريقة نفسها"، مؤكداً أن ابنته إيفانكا وزوجته ملانيا كانتا في طليعة المدافعين عن قراره هذا. أصدر ترمب المرسوم بعد أن أعلن رئيس مجلس النواب الجمهوري بول راين، في وقت سابق، أنه سيحيل للتصويت الخميس مشروعَ قانون لحلِّ وضع هؤلاء الصغار.

وقال رئيس مجلس النواب إنه مع القانون الجديد "حين يُقاضى الناس الذين اجتازوا الحدود بشكل غير قانوني، ستبقى الأسر مع بعضها أثناء كامل فترة الإجراءات القانونية، وتحت سلطة الأمن الداخلي".

وبعد مجلس النواب، يُفترض إحالة مثل هذا المشروع إلى مجلس الشيوخ، حيث يملك الجمهوريون أغلبية ضئيلة (51-49) قبل أن يصدره الرئيس.

"غير مقبول" 

أثارت مشاهد آلاف الأطفال الباكين الذين وُضعوا في مراكز مقسمة إلى ما يشبه الأقفاص أو في مخيمات، فضيحة. وفي نيويورك بثَّت قناة تلفزيونية الأربعاء مشاهدَ ظهرت فيها خمس فتيات يرافقهن بالغون، وهن يتحدثن الإسبانية، ويَسِرْن في دجى الليل، باتجاه مركز استقبال في حي في شرقي هارلم.

وقال حاكم ولاية نيويورك أندرو كيومو: "نعرف على الأقل أن سبعين طفلاً احتُجزوا في مراكز فدرالية في مختلف أنحاء الولاية". ودعا العديدُ من المسؤولين الأميركيين والأجانب الحكومةَ الأميركية إلى التخلي عن هذه الممارسات. واعتبرت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي تلك المشاهد "صادمة للغاية"، متحدِّثة عن "أطفال محتجزين فيما يبدو أنه أقفاص".

وقال رئيس الحكومة الكندية جاستن ترودو لدى وصوله إلى البرلمان الكندي: "إن ما يحدث في الولايات المتحدة غير مقبول". ثم أضاف في بيان لمناسبة اليوم العالمي للاجئين: "إن الطريقة التي نُعامل بها الأشدَّ ضعفاً تُحدد مَن نحن كأفراد وبلدان ومجتمع دولي". كما أكد البابا فرنسيس في تغريدة "أن كرامة الشخص لا ترتبط بوضعه كمواطن أو مهاجر أو لاجئ. إن إنقاذ حياة مَن يفر من الحرب والبؤس عمل إنساني".

وفي حين أعلنت واشنطن تشديدَ إجراءات طلب اللجوء، أكد وزير خارجيتها مايك بومبيو أن الولايات المتحدة "ستواصل مساعدة اللاجئين الأشد ضعفاً، تماشياً مع القيم الأصيلة للمجتمع الأميركي".

من جانبه اعتبر ثوربيون ياغلاند، الأمين العام لمجلس أوروبا أن ترمب لم يعد "الزعيم الأخلاقي" للعالم، ولم يعد بإمكانه "التحدث باسم العالم الحر"، في لهجة تقطع التحفظ التقليدي لهذه الهيئة المكلفة بالدفاع عن الديمقراطية والقانون في أوروبا.

"رهائن"

وندَّدت صحيفة لوموند الفرنسية بما وصفته بأنه "احتجاز رهائن"، يباشره ترمب بهدف "دفع الكونغرس لتبني إجراءات متشددة في مجال الهجرة". وأضافت أن في ذلك إشارة تجاه المهاجرين "بأن الولايات المتحدة تخلَّت عن كل أشكال الإنسانية حِيالَهم". بيد أن السياسة المتشددة جداً لترمب تجاه الهجرة القانونية وغير القانونية، لا يبدو أنها أبطأت تدفق الواصلين.

وباتت الولايات المتحدة، العام الماضي، البلد الذي تلقَّى أعلى طلبات اللجوء مع 330 ألف طلب، متقدِّمة على ألمانيا، بحسب ما أفادت الأربعاء منظمة الأمن والتعاون الاقتصادي. وأكد رئيس المنظمة خوسيه انخيل غوريا، أن "فصل الأسر ليس بالتأكيد في مصلحة الطفل"، مضيفاً أن "أمن الدولة وإنسانيتها لا يتعارضان".

وتصاعَدَ الغضب أيضاً ضمن المجتمع المدني. وانهارت صحفية قناة إم إس إن بي سي، راشيل مادو، مساء الثلاثاء باكية، عند قراءتها خبراً لوكالة أسوشيتد برس، يفيد أن السلطات أقامت ثلاثة مراكز مخصصة للرُّضع وصغار طالبي اللجوء.