النجاح الإخباري - قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، "إن إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، والتصدي لمحاولات التحريض على حقوق شعبنا، إنما يتطلب دورا أوروبيا قويا فاعلا وموحدا، فلدى الاتحاد الأوروبي ما يكفي من عناصر القوة والتأثير للضغط على دولة الاحتلال ووقف انتهاكاتها وإلزامها بالتقيد بالقرارات والقوانين والاتفاقات الدولية".

وأضاف رئيس الوزراء: "إننا ننظر بكل اعتزاز لعلاقاتنا المزدهرة والمتنامية والموسعة مع دول شمال أوروبا، ونراهن على توسيع أدوات وعناصر هذه الشراكة، ونتطلع إلى المزيد من دعمكم وتصويتكم في المحافل الدولية كافة لمساندة حراكنا الدبلوماسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا ومساءلة ومحاسبة إسرائيل عن انتهاكاتها، وندعوكم لاتخاذ مواقف متسقة مع القيم والقرارات التي يتبناها الاتحاد الأوروبي مجتمعا، انتصارا لحقوق شعبنا التاريخية، واستثمارا في السلام والأمن في المنطقة ككل".

جاء ذلك خلال كلمته في الحفل المشترك للأعياد الوطنية لدول شمال أوروبا، والذي أقيم اليوم الأربعاء، في رام الله، بحضور القنصل السويدي العام في فلسطين آن صوفي نيلسون، وممثلة النرويج لدى فلسطين هيلدا هار الستاد، وممثلة الدنمارك نتاليا فينبر، وممثلة فنلندا آنا كايزا هيكينين، وعدد من الوزراء والشخصيات الرسمية والوطنية وممثلي الدول.

وتابع الحمد الله: "كم هو محفز وملهم أن نرى سيدات يعتلين هذا المنصب الرفيع ويمثلن بلادهن خير تمثيل، تحية للمرأة في كافة مواقعها وهي تنتزع موقعها الطبيعي والطليعي وتكرس مكانتها وحقوقها، لقد بلورنا في فلسطين ونبلور عملنا الحكومي ونطوع تدخلاتنا لاعمال حقوق المرأة وتعزيز وصولها لمراكز صنع القرار، عبر إقرار وتطوير التشريعات والسياسات والبرامج التي تضمن مراعاة النوع الاجتماعي وتوفر البيئة المحفزة لتعظيم مشاركة المرأة، إننا نؤمن، أنه لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض ويتصدى للأعباء والأخطار التي تحدق به، دون الاستثمار بقدرات المرأة والرجل، على حد سواء، ودون أي تمييز أو تهميش أو إقصاء".

وأردف: "إنه لمن دواعي اعتزازي أن أشارككم اليوم من على أرض فلسطين احتفالاتكم بالأعياد الوطنية لبلدانكم، والتي تمثل تجربة مهمة نستلهم منها الحيوية والعزم والطاقة على مواصلة مسيرة بناء دولتنا وتطوير بناها ومؤسساتها، رغم كافة الصعاب والتحديات التي تعصف بنا، والقيود والممارسات الاحتلالية التي تحاصرنا، ونيابة عن فخامة الأخ الرئيس محمود عباس وباسم شعبنا الفلسطيني، أهنئ دول وشعوب شمال أوروبا بهذه الأعياد الملهمة، متمنيا لهم دوام النمو والرخاء والتطور".

واستطرد الحمد الله: "وإذ نحيي معكم هذه الاحتفالات، فإننا نستذكر مواقفكم التضامنية الثابتة والداعمة لحقوقنا الوطنية، ونعبر عن رغبتنا الصادقة والطموحة في البناء عليها وتطويرها باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 والقدس عاصمتها، أسوة بموقف مملكة السويد التاريخي والمشرف والشجاع".

واستدرك: "لقد كان التصويت الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمنح الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، نافذة للتدخل وردع إسرائيل ومنعها من ممارسة المزيد من التغول والبطش والعدوان، بل ولحماية النظام الدولي أيضا، وننتظر اليوم بلورة آليات تنفيذيه لتطويعها في إعمال أمن وسلامة المواطنين الفلسطينيين وصون حياتهم ومستقبله".

وقال الحمد الله: "نلتقي بكم في رحاب فلسطين الجريحة، وفي أتون الكثير من الألم والمعاناة التي يتعرض لها شعبها، فإسرائيل بدعم مطلق من الإدارة الأمريكية، ماضية في توسعها الاستيطاني العسكري على حساب الأرض والحقوق الفلسطينية الأصيلة، وفي تهجير أبناء شعبنا وفرض مخططاتها لضم القدس وعزلها وتزوير تاريخها وهويتها، وقد هدمت قواتها منذ بداية هذا العام، أكثر من مئتي منزل ومنشأة أغلبها في محافظة القدس، وقتلت منذ إعلان الرئيس الأمريكي ترامب، مئة وخمسة وسبعين فلسطينيا، منهم ثلاث سيدات وواحد وعشرون طفلا، حيث استشهد خلال مسيرات العودة السلمية وحدها، مئة وثمانية وثلاثون مواطنا، بينهم سيدتان وخمسة عشر طفلا، هذا ويقبع في سجون ومعتقلات الاحتلال نحو ستة الاف أسير، منهم حوالي ثلاثمائة وخمسين طفلا".

وأضاف: "إن هذا الوضع إنما يزداد قتامة مع انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان، مما يعني المزيد من انسحابها من مسؤولياتها في إعمال وحماية حقوق الإنسان ورجوع عن دعم العدالة والديمقراطية في العالم".

وتابع الحمد الله: "إننا نثمن عاليا الجهود التي تبذلها دولكم في دفع عجلة التنمية والتطوير في فلسطين واستنهاض قطاعاتها ومؤسساتها، وتنفيذ المشاريع التنموية والإنسانية لتعزيز الصمود الفلسطيني، خاصة في غزة وفي القدس والأغوار وسائر المناطق المسماة (ج)، كما ونقدر دعمكم السخي والثابت لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين لتمكينها من مواصلة تقديم خدماتها لشعبنا".

وأردف: "أحيي النرويج على الدور المحوري الذي تبذله في تنسيق جهود الدول المانحة لدعم الشعب الفلسطيني، وأتوجه بكل التحية للسويد على اهتمامها وحرصها على متابعة وإسناد عمل الأونروا وعلى تنظيم مؤتمر تجنيد الأموال لسد العجز المالي للوكالة الذي عقد في روما قبل أربعة أشهر، بحضور فنلندا والنرويج والدنمارك".

وأوضح الحمد الله: "نعم لدينا من الأواصر الوثيقة مع كل دولة منكم ما يجعلنا فخورين وممتنين لكل أوجه الدعم الإنساني والتنموي والسياسي والاقتصادي الذي تقدمونه، وكلنا أمل بل وثقة بأننا بمثل هذه المساندة والتضامن، سنصون حقنا في العيش بحرية وكرامة على أرضنا كباقي شعوب الأرض، وسنواصل مساعينا القانونية والسياسية والدبلوماسية لتحقيق استقلالنا الوطني وإنهاء كافة أشكال الاحتلال والاستعمار عن أرضنا، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها غير القابلة للمساومة القدس".

وأردف رئيس الوزراء: "تحية لدولكم وشعوبكم، فلقد شاركتمونا مهام ومسؤوليات بناء هذه الدولة، ونحن نعمل بخطوات ثابتة وراسخة لوضع أسسها ومقوماتها لتكون دولة القانون والمؤسسات التي ينعم بناتها وأبناؤها بالحرية والكرامة وتصان في إطارها حقوقهم وأمنهم وسلامتهم، وفي هذا السياق، فإنني أؤكد لكم على أن القانون فوق الجميع بما في ذلك رجال الأمن أنفسهم، ونرفض المساس بحرية الرأي والتعبير والإعلام التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني".

واستطرد الحمد الله: "أهنئ شعوبكم ودولكم بمناسبة أعيادكم الوطنية، وأتمنى لهم المزيد من التقدم والرفعة، وأشكركم مجددا على ما قدمتموه وتقدمونه لإسناد ودعم قضيتنا الوطنية، ونتمنى عليكم وعلى كافة دول الاتحاد الأوروبي، دعم إطلاق المفاوضات الرسمية لاتفاقية الشراكة الكاملة مع فلسطين لتكون الإطار الموجه والجامع لكافة أشكال التعاون بيننا".

واختتم رئيس الوزراء قائلا: "هذه رسالة شكر وامتنان لكل واحدة من دولكم، كما هي دعوة للمزيد من الالتفات لمعاناة شعبنا ودعم تطلعاتهم المشروعة في العودة وتقرير المصير والخلاص التام من الاحتلال الإسرائيلي، وإنقاذ حل الدولتين الذي تتفقون جميعا على أهمية وضرورة تحقيقه"