راسم عبيدات - النجاح الإخباري - بات من الواضح مع نفاذ الوقت للحلول الدبلوماسية في سوريا وخط المصالحات بقيادة روسيا، حيث ان القوى والمجاميع والجماعات الإرهابية، والتي عانت وتعاني من إنشقاقات وتصدعات داخلية على خلفية الموقف من المصالحة بين مؤيد ومعارض لها والقبول بخروج المسلحين الى إدلب، قد حسم الصراع بينها لصالح النواة الصلبة منها التي ترفض المصالحات والحلول السياسية يغذيها ويدعم موقفها في ذلك قوى دولية وإقليمية على رأسها أمريكا وتركيا وإسرائيل ودول خليجية فهي ترى في تسليم درعا للسيادة السورية عن طريق المصالحات وبسط الدولة السورية لسيادتها على كامل الجغرافيا السورية خسارة نهائية لمشروعها الذي ضخت عليه أكثر من مئة وثلاثين مليار دولار في سوريا القائم على تقسيمها جغرافياً وخلق مناطق نفوذ فيها خادمة لمصالحها وبالذات دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ولذلك يتواصل الرهان على خط التفاوض والمصالحات ليس في صالح الدولة السورية،ومن هنا فنحن نعتقد بأن حظوظ الحسم العسكري باتت تتفوق كثيراً على خط وحظوظ الدبلوماسية والمفاوضات، وخاصة بأن تلك الدول تريد حلولاً تخدم مصالحها وأهدافها، بحيث تبقي تلك المجاميع الإرهابية على الحدود وممسكة بالمعبر بين سوريا والأردن، وتؤمن الأمن والحماية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يتعارض كلياً مع موقف القيادة السورية، بإعادة سيطرتها الكاملة على جغرافيتها وحدودها ومعابرها مع دول الجوار، ولذلك اكمل الجيش السوري إستعدادته لهذه المعركة، والتي ستكون منازلة كبرى، وفيها الكثير من التدخلات والتعقيدات الدولية والإقليمية، والتي ستسعى لإعاقة ومنع الجيش السوري من حسم هذه المعركة، حيث شهدنا التهديدات الأمريكية والإسرائيلية، بأنه إذا ما قام الجيش السوري بتحرير درعا والجنوب السوري عسكرياً، فإن أمريكا ودولة الاحتلال جاهزتين للتدخل عسكرياً، وكذلك نتنياهو استنجد بالروس أكثر من مرة محذراً من قيام سوريا بعمل عسكري في الجنوب السوري، ومطالباً بإخراج القوات الإيرانية وحزب الله من سوريا، وليأتي الرد من خلال الرئيس السوري بأن العلاقة بين طهران ودمشق استراتيجية، وسوريا صاحبة القرار ببقاء أو خروج تلك القوات التي جاءت بناءً على طلب سوري.

الجيش السوري حشد لهذه المعركة 35 ألف جندي أغلبهم من وحدات النخبة المجهزين بأحدث أنواع الأسلحة والتي يستخدم بعضها للمرة الأولى..وقوات النخبة لها خبرات واسعة في عمليات الاقتحام والعزل والتطويق وشن العمليات النوعية والخاطفة....ومعركة استعادة درعا ستكون نوعية ومعقدة جداً، وربما ستطول وتكون على مراحل، ليس لجهة تحصن الجماعات الإرهابية والتكفيرية بين السكان واستخدامهم كدروع بشرية فقط، بل ستقدم هذه الجماعات على افتعال روايات وقصص وأفلام حول إستخدام الجيش السوري للأسلحة الكيماوية لتبرير التدخل الأمريكي والإسرائيلي والأوروبي الغربي عسكرياً، على غرار ما حدث في دير الزور وحلب والغوطة الشرقية، وكذلك ما يصعب هذه المعركة إمتلاك تلك المجاميع الإرهابية لأسلحة صاروخية بعيدة المدى، قد تستخدمها في قصف المدنيين العزل وإتهام الجيش السوري بذلك.

عملية تحرير الجنوب السوري وبالذات مدينة درعا، سيكون لها وقعها وتأثيراتها على الأردن، وخاصة بأن أوضاع الأردن الداخلية تشهد حالة من عدم الاستقرار على خلفية الإحتجاجات الشعبية نتيجة ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش وإستفحال الفساد في مفاصل الدولة وإستئثار الفاسدين بالأموال ونهب المؤسسات العامة وإفلاسها وحتى السطو واستغلال أموال المساعدات لصالحهم، وكذلك تعمق الأزمة الاقتصادية كنتاج لسياسات إقليمية ودولية وعربية، ترفض تقديم المساعدات للأردن، إرتباطاً بموقف الأردن الرافض لصفقة القرن، وقضية الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، وأيضاً إحتضان الأردن النسبة الأكبر من اللاجئين السوريين المستخدمين من القوى العربية والإقليمية والدولية كورقة ضغط سياسي، وممنوعين من العودة الى أراضيهم إلا بقرار امريكي – أوروبي غربي- إسرائيلي- مشيخاتي عربي، وإندلاع الحرب من شأنه أن يخلق لها أعباء إضافية فوق اعبائها، وقد يفاقم من أزماتها ومشاكلها الداخلية، ولذلك من مصلحة الأردن في ظل المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد أمنه وإستقراره، أن يسعى للبحث عن مصالحه، حيث أن حلفاءه قد اداروا له الظهر، ومصلحته في أن يسعى للتواصل مع سوريا وروسيا، عبر كل الطرق سياسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً، بما يضمن له فتح معبر نصيف تحت سيطرة الجيش السوري، وما يدره على الأردن من عائد ودخل نتاج التبادل التجاري والإقتصادي والرسوم على الشاحنات الناقلة للبضائع، وبما يسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الأردن، ويخفض من الأسعار المرتفعة للسلع والبضائع الأساسية منها.

القيادة السورية والجيش السوري مصممان على استعادة كامل الجغرافيا السورية لحضن الوطن سواء عن طريق المصالحات أو عن طريق الحسم العسكري، وأمريكا وإسرائيل ودول أوروبا الغربية هددت وتوعدت وحرضت واستنفرت جيوشها وأسلحتها، وشنت أكثر من عدوان على سوريا أمريكي- إسرائيلي وفبركت القصص والروايات عن استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي وقتل المدنيين العزل والأطفال، لعلها تنجح في منع الجيش السوري من تحرير حلب ومن بعدها الغوطة الشرقية، ولكن قرار القيادة السورية وبسالة جيشها والقوى الرديفة وتصميمهم على دحر قوى العدوان وتدمير مشروعها في سوريا، كان فوق كل ذلك، حيث جرى استعادة حلب والغوطتين الغربية والشرقية عسكرياً وعبر المصالحات والتسويات، ومصير درعا وبقية الجغرافيا السورية الواقعة خارج سيطرة الدولة السورية، لن يكون إلا على غرار ما سبقه، إما العودة لحضن الوطن بالمصالحات او بالحسم العسكري، ومعركة تحرير الجنوب السوري ودرعا من براثن الجماعات والمجاميع الإرهابية والتكفيرية ستكون مفصلية، وسيتوقف عليها الكثير الكثير، لجهة سواء المعادلات الجديدة التي ستترسخ في المنطقة والإقليم لصالح دول ومحور المقاومة، او لجهة السقوط المدوي للمشروع المعادي في سوريا بشكل نهائي، ومع تحرير درعا وفتح معبر نصيب مع الأردن ...فبقية الجماعات الإرهابية في المناطق الأخرى ستتساقط كأحجار الدومينو وتصبح سوريا دولة خالية من الإرهاب.

[email protected]