حمدي فراج - النجاح الإخباري - في أحاديث الدولة العبرية الحديثة عن الدولة القديمة اكاذيب لا تنتهي ، و"حدّث بلا حرج" ، و "ما أكذب من شاب تغرّب الا شايب ماتت أجياله" ، هذا ما فعلته صحيفة «هآرتس» الليبرالية مؤخرا عن تمثال لملك عمره ثلاثة الاف سنة وجد في قرية فلسطينية مهجرة قرب المطلة المتاخمة للحدود مع لبنان. ما لفت النظر الى هذا الكذب الفاضح هو ان التمثال "غامض" رغم ما جاء في متن الخبر من أن التمثال عبارة عن "رأس ملك بحالة جيدة باستثناء كسر صغير في منطقة الذقن" .

قد يكون الغموض الذي تحدث عنه علماء الآثار الاسرائيليون ازاء هذا الرأس ونقلته صحيفة هآرتس غامضا بالنسبة لعامة الناس ، لكن أي غموض يمكن ان يشكله تمثال رأس في حالة جيدة ، كان يمكن التسليم بهذا الغموض لو لم يكن الرأس رأس ملك ، أو لو لم يكن من المادة الخزفية التي اشتهرت انذاك بصنع الكثير من التماثيل والادوات والحلي وحتى الحيوانات ، كان يمكن ان يلف الغموض هذا التمثال لو لم يستطع العلماء تحديد العمر التقريبي له والمحدد بتسعمائة سنة قبل الميلاد ، أو المكان الذي يفترض ان يكون مملكة هذا الملك ، والتي حددتها عالمة آثار في الجامعة العبرية "نوعما يهلوم ماك" ما بين المملكة الارامية والفينيقة والعبرانية .

من هنا جاء وصف الغموض "العلمي الصهيوني" لرأس هذا الملك ، فلو كان هناك شكا صغيرا واحدا انه لملك عبراني لسقط كل الغموض لصالح هذا الشك الصغير اليتيم ، بل ان العالمة المذكورة توسعت في وصف المملكة العبرية في لبنان وحضاراته العريقة بنسبها الى ما اسمته بالمملكة الداوودية والسليمانية التي ظلوا يرددون انها كانت في القدس او جبال ما يسمونه بيهودا والسامرة ، وفجأة انتقلت تلك المملكة الى لبنان في غضون مئتي سنة في اطول الاحوال ، هي عمر الملكين ، فماذا عن صناعة تمثال متقن العينين والانف والفم والخوذة الحربية على رأسه بملامح غاية في الوضوح ، تنم عن حضارة مادية حقيقية حفرت عميقا في التاريخ الانساني وعدت بعضها من قبل هذا التمثال بأنها ما زالت حتى اليوم احدى عجائب الدنيا السبع كحدائق بابل المعلقة ، وعلمت العالم قاطبة فن الكتابة "المسمارية" والتطريز والتمثيل ، - مسرحية جلجامش محفوظة رقاعها الحجرية في متحف اللوفر ، في حين ان القادمين الجدد من رحلة تيهم اربعون سنة في الصحراء يضعون حضارتهم كما تضع الدجاجة بيضها ، هذا اذا افترضنا ان تعاليمهم تسمح بمثل هذا الفن النحتي الذي رأينا كيف انقض عليه الداعشيون هدما وردما وتحطيما في سوريا وحضارة سوريا .

يزداد الغموض الصهيوني الذي اسبغ على التمثال غموضا انه تم العثور عليه قبل سنة ، لكن الكشف عنه كان قبل ايام وعلى هذا النحو الغامض .

نقلا عن صحيفة القدس