فهمي شراب - النجاح الإخباري - كما انتصرت حيفا لغزة ضمن فعاليات مسيرة العودة وحشدت سلسلة بشرية عنوانها " من حيفا إلى غزة، ارفعوا الحصار عن غزة" بالحي الألماني في حيفا وبإشراف وتنظيم حملة "فكر فغيرك" التابعة للجبهة والحزب الشيوعي، فان رام الله بالأمس انتفضت بجماهيرها الحية النابضة بالحياة، وانتصرت لغزة بشكل أعاد الثقة لدى سكان قطاع غزة، وعزز صمودهم للتصدي لدعوات الفصل بين الضفة وغزة، وجدد إيمانهم بضرورة الاستبسال للتصدي لصفقة القرن الداعية إلى الفصل أيضا.

فقد عبر الحراك الفلسطيني الوطني والثوري بالأمس في دوار المنارة عن أصالة ونبل أهلنا في الضفة الغربية، وعبر عن عميق إدراكهم بأننا شعب واحد ويحكمه مصير مشترك. وكان صوتهم الحر والرافض للإجراءات العقابية على غزة وموظفيها عبارة عن كلمة الفصل التي تؤكد بان كل الإجراءات العقابية التي تمت هي إجراءات باطلة وظالمة وجاءت تحت ذريعة واهية. وليس هناك أي مبرر لاستمرار هذه الإجراءات التي لم تحقق سوى مزيدا من الفقر والجهل والمرض لفئات وطبقات المجتمع في قطاع غزة. وهذه الآفات المجتمعية تصب في صالح الاحتلال الإسرائيلي، فهو يعمل ليل نهار على تجهيل المجتمعات العربية وخاصة الفلسطينية والتسبب لهم في شتى أنواع التعذيب والحرمان والمعاناة.

إن من الضرورة دعوة حكومة الوفاق لتمارس عملها في أسرع وقت في قطاع غزة لأنها إن لم تفعل ذلك، فإنها سوف تواجه أخطارا كبيرة تنتظرها وتحديات لن يكون بمقدورها مع مرور الوقت أن تتجاوزها أو تتغلب عليها، حيث يزداد القلق من تلك الاجتهادات الدولية والإقليمية التي تبحث لقطاع غزة عن حلول، بعيدا عن السلطة الفلسطينية، وحتى بعيدا عن حماس، حيث باتت "خطط إنقاذ غزة" إنسانيا وتقديم تسهيلات في إطار تنفيذ صفقة يتفق عليها كثير من الدول الغربية محل اهتمام كبير وعلى طاولة البحث لدى عدة أطراف دولية، وقد يتم العمل على إعلان "كيان مستقل" في قطاع غزة ليعفي الاحتلال من مسؤولياته، وليفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وتكون حماس في الحكم بشكل تقبله الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل، طالما أن هدنة طويلة الأمد سيتم توقيعها وإنجاحها ضمن الوصول إلى صفقة تبادل أسرى هي الآن قاب قوسين أو أدنى. ولن تمانع حماس أي حلول ترفع حبل المشنقة عن عنقها، حيث تعاني حماس الآن من أزمة مالية وأزمة سياسية وأزمة "استدارة السلطة الفلسطينية لها بدرجة 180 درجة"، وليس لديها سيناريوهات تخرجها من هذا المأزق.

وأكدت كثير من التصريحات على أن خطوات عملية اتخذت في هذا الاتجاه حيث  كانت صحيفة «معاريف» قد قالت الأسبوع الماضي: إن «ملادينوف يعد خطة كبيرة لبناء مصانع وبنية تحتية لإعادة إعمار القطاع من أموال سيتم تجنيدها من الدول المانحة».

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية للصحيفة: إن «ملادينوف يعمل من دون توقف لإنجاز تلك الخطة التي ترتكز في معظمها على الخطة التي وضعها الحاكم العسكري الأسبق المنسق الجنرال يوأف (بولي) موردخاي (المنتهية ولايته قبل أكثر من شهر)، والحديث يدور عن إقامة مصانع وبنى تحتية في غزة وأيضاً في سيناء بأموال يتم تجنيدها من المجتمع الدولي».

والسؤال الذي يطرح نفسه، ما الفائدة من أن تصبح غزة بهذا الشكل المزري والبائس والمأساوي؟ يعاني موظفيها من عدم صرف رواتبهم، وازدياد نسب الفقر؟ إن غزة هي المخزون الوطني والاستراتيجي وهي الحصن المنيع لجميع باقي المناطق الفلسطينية، وما وصلت إليه غزة من أساليب متعددة ومتنوعة في المقاومة لهو شرف كبير وانجاز فلسطيني يحق لكل فلسطيني أن يفخر به، ويتطلب ضرورة العمل على الحفاظ عليه ومراكمته. فجميعنا تحت احتلال، وقد استباح الاحتلال جميع مناطق الضفة الغربية فهو لا يفرق بين منطقة أ أو ب أو ج.

وان إتمام المصالحة مهمة سهلة إذا اتبعنا مقتربات وطنية تقوم على المشاركة وعدم إقصاء أي طرف من الحكم، وليس التصميم على الإقصاء والتهميش وإدخال القطاع إلى مراحل التيه والانفصال.