د. دلال عريقات - النجاح الإخباري - ما شهدناه في أروقة مجلس الأمن في نيويورك قبل أيام يستحق التحليل والمراجعة، لقد تم تقديم مشروعين لقرارين بخصوص فلسطين وإسرائيل، أولها طالب بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ولَم يمرّ، والثاني مشروع جاء لإدانة الفلسطينيين ولم يمرّ. بالنتيجة القراران لم يمرّا ولكن هناك ملاحظات لا بد من مراجعتها:

-أن تتقدم الولايات المتحدة الأمريكية بمشروع قرار في مجلس الأمن ولا تحصل على تأييد واحد، فهذا انتصار دبلوماسي للفلسطينيين على أصعدة مختلفة وخاصة أن هذه المرة الأولى في تاريخ أمريكا في مجلس الأمن بأن تتقدم بمشروع قرار وتصوت لصالحه وحدها. هنا إشادة بجهود وطاقات الدبلوماسية الفلسطينية. لقد قامت دولة الكويت مشكورة بتقديم القرار والحشد له إلا أن المسؤولية الأساسية في صياغة مشروع القرار ودراسة كل كلمة وأثرها على التصويت تقع على عاتق فلسطين في هذا المحفل الدولي.

-مشهد الأمس عكس من جهة صورة واضحة تعبر عن عزل الولايات المتحدة في أروقة الدبلوماسية الدولية ومن جهة أخرى عكس صورة أمريكا التي ترعى إسرائيل في جرائمها ضد الشعب الفلسطيني صاحب الحق، كما ظهرت ازدواجية القانون والدبلوماسية الدولية بأن لكل العالم نظام ولإسرائيل وحدها نظام خاص. على إسرائيل أن تدرك أن لها حليفا وحيدا في العالم السياسي خارج الصفقات التجارية.

-بخصوص مشروع قرار توفير الحماية للشعب الفلسطيني، لقد حاولت أمريكا وإسرائيل من خلال مندوبيهم في المجلس إقناع الدول الأعضاء بمعارضة مشروع القرار بحجة أنه لا يشمل إدانة واضحة لحماس حتى عندما تطرق لإطلاق الصواريخ على إسرائيل، وشكل ذلك ذريعة سهلة لكل من أراد الامتناع عن التصويت.

- لقد حاولت مندوبة أمريكا أن تدين حماس ليس لاستهداف حماس وحسب، ولكن لأن الهدف من هذه الإدانة هو محاولة تحميل حماس مسؤولية قتل إسرائيل للفلسطينيين الأبرياء وتغطية جرائم إسرائيل. لقد وقفت الدبلوماسية الرسمية الفلسطينية إلى جانب حماس لأن حماس جزء مِن الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية تمثل الكل الفلسطيني.

علينا الْيَوْم وبعد ٥١ عاماً على النكسة واحتلال الضفة والقدس والضفة الغربية أن نعود لوحدتنا، فلن يحقق كرامتنا وحريتنا غير وحدتنا الداخلية. على حماس والشعب الفلسطيني كافة أن يستوعبوا أن عدم تصويت بعض الدول لمشروع القرار جاء بسبب عدم تضمنه إدانة لحماس وصواريخها، وهذا جاء بفعل جهود وطواقم الدبلوماسية الفلسطينية الذين رفضوا أن تكون حماس جزءاً من صفقات تصفوية لقضيتنا. حماس جزء من الحياة السياسية ولا أحد يريد استثناءها ولكن على حماس أن تدرك أنها قادرة لو نوت على إحقاق الوحدة وإنهاء الانقسام المخزي الذي دمر مصالحنا الوطنية. حان وقت الوحدة وعلى حماس أن تتوقف عن الظهور كبديل للتمثيل الفلسطيني، على حماس الكف عن محاولاتها للاستحواذ على مسيرات العودة والإعلان أن شهداء وشباب حماس وفتح وغيرها هم شهداء الوطن الفلسطيني حتى لا تعطي إعلام الاحتلال مسوغات للدفاع عن جرائمهم بالتذرع بتصريحات حماس.

إسرائيل عدو كل الفلسطينيين وتريد إدانة الكل الفلسطيني وليس فقط حماس أو غيرها، لأنها تريد إدانة الشعب الفلسطيني والمنظمة والمقاومة المشروعة والنضال لتصفية قضيتنا العادلة. في ذكرى نكسة ١٩٦٧، دعونا نعمل على إدانة إسرائيل وفضح جرائمها بدلاً من تضييع المصلحة الوطنية العليا ولنكثف ونوحد جهودنا حتى إنهاء الاحتلال.