دلال عريقات - النجاح الإخباري - منذ استلام دونالد ترامب الحكم ونحن نسمع أخبار 'السفارة' بِدءاً بالسفارة الأمريكية في إسرائيل والتهديد بنقلها من تل أبيب إلى القدس والآن السفارة الفلسطينية في واشنطن. في كلا الحالتين، هذه الأفكار ليست جديدة، الموضوع يطرح في الكونغرس الأمريكي كل ستة أشهر منذ سنوات ويتوقع عادة أن يتم تأجيل القرار. اليوم، يطل علينا وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون الذي يهدد بإغلاق المكتب التمثيلي لفلسطين في العاصمة الأمريكية -واشنطن-، وتأتي هذه التهديدات بعد تصريحات للرئيس محمود عباس مفادها أنه أوعز بتفعيل ملفات محكمة الجنايات الدولية لمقاضاة الإسرائيليين على جرائم الحرب التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين، هنا لا بد من التركيز على بعض النقاط:

أولاً: لم تُدرج شؤون القضية الفلسطينية وعملية السلام ضمن صلاحيات وزير الخارجية الأمريكي تيليرسون، فمنذ دخول ترامب للبيت الأبيض، تولى صهره جاريد كوشنير والمستشار جرينبلات ملف عملية السلام وكل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، بينما انشغل الوزير تيليرسون بالشؤون الخارجية الأخرى مثل روسيا وكوريا والصين والمكسيك وغيرها من الملفات التي أُثيرت منذ فوز دونالد ترامب. اليوم إدارة ترامب تهدد الفلسطينيين إذا ما دخلوا في مفاوضات جادة بإغلاق المكتب التمثيلي لمنظمة التحرير في الأشهر القريبة القادمة، هذه الإجراءات أو التصريحات الأمريكية ما هي إلا سياسات مماطلة وورقة ضغط تتبناها أمريكا خدمة لإسرائيل بهدف شراء المزيد من الوقت لمصادرة الأراضي وإنهاء أي فرصة لحل عملي ودولة فلسطينية على الأرض.

ثالثاً: الرد الفلسطيني يجب أن يُركز على المطالبة بتوضيح الموقف الأمريكي ويؤكد على رفض الابتزاز السياسي، حيث أن الفلسطينيين عبروا مراراً وتكراراً عن حسن نواياهم بالتعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة بما يخص عملية السلام حسب قرارات الشرعية الدولية، كما أننا في المنطقة ما زلنا ننتظر الاقتراح الأمريكي الذي كان من المتوقع تقديمه في مطلع العام القادم. بعد الزيارات العديدة التي قام بها الوفد الأمريكي المُكلف بالعملية السلمية بعد الاستماع المطول لكلا الطرفين لأخذ وجهتي النظر الفلسطينية والإسرائيلية حسب تعبير جرينبلات، هل رفض الفلسطينيون التّفاوض أم أن المُقترح الذي سيقدمه الأمريكان غير مقبول مبدئياً؟

رابعاً: الدبلوماسية القسرية تعود من جديد وفِي أقسى صورها، هذه هي النظرية المُتبعة من قبل واشنطن بكل ما يتعلق بالملف الفلسطيني منذ بدء العملية السلمية، لطالما تبنت الإدارات الأمريكية هذه السياسة القهرية للضغط على الفلسطينيين قسراً وبات واضحاً ضعف الموقف العربي والتحالفات الإسرائيلية مع عواصم صناعة القرار العربية وهذا ما يجعل الطرف الفلسطيني مُهدداً، فهو الحلقة الأضعف في لعبة المصالح في المنطقة، نعم لقد نجح نتنياهو بإقناع دول المنطقة أن مصلحتهم تكمن مع الحليف الإسرائيلي.

لم يوقع تيليرسون على المُذكرة الدورية التي تصدر كل ستة أشهر للسماح بإبقاء مكتب البعثة الفلسطينية في واشنطن مفتوحاً. هذه الإجراءات التهديدية مُربكة جداً لصانع القرار الفلسطيني، مع ذلك كلنا ثقة أن القيادة لن تساوم ولن ترضخ للابتزاز السياسي وقد رد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات من واشنطن بتصريحات واضحة، وأكد أن الفلسطينيين ردوا برسالة خطية مفادها أنه في حال تم إغلاق المكتب التمثيلي لمنظمة التحرير، سيعلق الفلسطينيون اتصالاتهم مع الأمريكان حتى إعادة فتح المكتب. ولكن يبقى السؤال: هل تتخذ الإدارة الأمريكية قراراً نهائياً سلبياً خلال الأيام القادمة وندخل فعلياً في حرب دبلوماسية مع أمريكا؟