هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - تنطلق اليوم الجلسات الاستكمالية للمصالحة بين فتح وحماس برعاية مصرية، وقد وصل إلى القاهرة وفد حركة " فتح" المكلف من الرئيس محمود عباس واللجنة المركزية للحركة مساء أمس، إلى جمهورية مصر العربية لعقد اجتماعات مهمة، وذلك من أجل مناقشة التفاصيل المتعلقة بالمصالحة مع المسؤولين في مصر.
ورغم حالة الترقب التي يعيشها الفلسطينيون بانتظار النتائج التي ستتمخض عن الحوار التي تجمع الطرفين بعد مرور 11 عاما على الانقسام والجلسات العديدة التي نظمت والاتفاقات والتفاهمات التي رسمت خلال السنوات الماضية، توضع اليوم العديد من الملفات على طاولة الحوار.

وحول العوامل التي ستعزز فرص نجاح المصالحة، أوضح الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون لـ"النجاح الاخباري" أن عوامل النجاح هذه المرة أكثر من عوامل الفشل لافتا إلى الجهد المصري وحرصه ومتابعته للتفاصيل من قلب قطاع غزة.
وأضاف، أن خطوات حركة حماس بحل اللجنة الادارية واستقبال الحكومة وتسهيل أعمالها في قطاع غزة أيضا أحد أبرز عوامل النجاح، هذا عدا عن الدعم الجماهيري للمصالحة، والتصريحات الايجابية للحركتين والتي تعبر عن مدى جدية المصالحة.
ولفت المدهون، إلى أن عدم وجود إعاقة أمريكية أو إسرائيلية بشكل مباشر كالمفاوضات السابقة أحد عوامل النجاح المهمة.

الملفات الشائكة أمام المصالحة 

وفيما يتعلق بالتعقيدات والملفات التي قد تقف عائقا أمام إتمام المصالحة بشكل كامل، أكد المدهون، أن كافة الملفات بحاجة لرؤية وحكمة في التعامل معها، مثل ملف الموظفين والمعابر والعقوبات التي فرضت على قطاع غزة، مبينا أن التراجع عن ذلك سيصب في صالح نجاح المصالحة خاصة بعد الاستجابة لحل اللجنة الإدارية في قطاع غزة.
وأضاف المدهون، لـ"النجاح الاخباري"، أن الاحتلال يعد أحد العقبات الرئيسية أمام المصالحة، لأنه يدرك تماما أن استمرار الإنقسام يعمل على ضرب المشروع الوطني الفلسطيني، لذلك سيسعى جاهدا لتعقيد بعض الخطوات وإعاقة التحركات.
كما اعتبر أن هناك أطراف خارجية لا تفضل إتمام المصالحة ظنا منهم أنها ستمس بمصالحهم.
وعلى الرغم من العوائق التي تقف أمام المصالحة، إلا أن المدهون، شدد على أن تمكين الحكومة في قطاع غزة لم يعد عائقا كالسابق وتم بشكل جيد، بعد استلام الوزراء لوزاراتهم، قائلا "بناء عليه يجب على الحكومة أن تبدأ بإدارة ملفات هذه الوزارات ومتابعة أمور المواطنين وإصدار القرارات وإعادة ترتيب الأولويات في القطاع".

ملف الموظفين

وأشار إلى أن ملف الموظفين في قطاع غزة بات من السهل التعاطي معه لاسيما وأنه يعد أحد ملفات الاستقرار في القطاع.
ولا يعتقد المدهون، أن يتم حل ملف الموظفين بناء على الورقة السويسرية، لافتا إلى أنها حتى لو كانت جزءا من الحل إلا أن الملف يحتاج لدعم ومعالجة فلسطينية داخلية، قائلا "يجب على حماس تقديم التنازلات حول هيكلية الموظفين وعلى السلطة التعاون في ذلك".
وعن دمج العسكريين، رجح المدهون، أن يتم بناء على ما ذكر الملف في الورقة المصرية واتفاقات القاهرة على أن يتم دمج 3 الاف شرطي في البداية حتى إجراء الانتخابات، ومن ثم يتم الدمج بشكل أوسع.
ويرى المدهون، أنه بات سهلا حل الكثير من القضايا، معتبرا أن أي انتكاسة للمصالحة ستكون أصعب من سابقاتها خاصة بعد حل اللجنة الإدارية، مبررا ذلك بأن القطاع سيكون في حالة فراغ سياسي وبالتالي ستملأه أي جهة قادرة على القيام بذلك.
 

السناريو المتوقع

وعن السيناريو المتوقع، قال المدهون: "إن حماس لن تعود للحكم والفراغ الذي سيحدث في حال فشل المصالحة، وربما سيملأه لجان أو هيئات بالتنسيق مع الجانب المصري، حيث ستكون الخطوات المصرية أجرأ من ذي قبل لأنها بذلت قصارى جهدها من أجل إنجاح المصالحة، قائلا "ليس أمامنا خيار سوى إنجاح المصالحة، والتي تحتاج كثيرا من الصبر دون العجلة بقطف الثمرة قبل فوات الأوان".

سلاح المقاومة 

واعتبر البعض أن التصريحات الاعلامية المتكررة حول سلاح المقاومة هدفها توتير أجواء المصالحة، وحول هذا أكد المدهون، وبناء على معلومات موثوقة أن سلاح المقاومة لن يتم طرحه على طاولة الحوار، قائلا "طالما سلاح المقاومة ملتزم بالتهدئة ولا يتدخل في الحكم لا أحد يستطيع أن يطرح أمر هذا السلاح حاليا، فهو يتمتع بحاضنة شعبية ولا يخص حماس لوحدها فقط بل فتح أيضا تمتلك سلاح مقاومة".
وأوضح أن الساحات الإعلامية ربما تطرح أمورا غير مطروحة في الأروقة الداخلية السياسية، مؤكدا أن السلاح سيبقى بعيدا عن طاولة الحوار اليوم. وهو ما عززه موقف مسؤول مصري مطلع بحسب تصريحات نشرتها وسائل إعلام عبرية بأن هذا الملف لن يطرح على طاولة الحوار.

"المصالحة هذه المرة تختلف عن سابقاتها"

وحول اختلاف المصالحة عن سابقاتها، عقب المدهون لـ"النجاح الاخباري" على ذلك بأن وجود الراعي المصري المتابع للقضية بحيثياتها وجديته العالية أهم ما ميز المصالحة هذه المرة.
وأضاف، أن الصمت الأمريكي وعدم اعاقته لاتمام المصالحة لعب دورا إيجابيا، إضافة إلى عدم قدرة الاحتلال على التدخل بشكل مباشر، بحيث لا يريد أن يظهر للعالم أن السبب الرئيسي في إعاقة المصالحة.
ولفت إلى أنه ورغم العقبات إلا أن كافة الأجواء تصب بصالح القضية، وعليه يجب أن يتم استثمار هذه اللحظات، في الوقت الذي يجب فيه أن نرفع به سقف التوقعات للمواطن الفلسطيني.

"الأمر يتجه نحو عدم وجود حماس داخل الحكومة القادمة" 

بدوره أوضح المحلل والكاتب السياسي، جهاد حرب لـ"النجاح الاخباري"، أن مرحلة طويلة ومتدرجة تقف أمام إنهاء الإنقسام الداخلي، معتقدا أن اجتماع اليوم سيكون بداية لرسم خارطة طريق لإنهائه على فترة زمنية أطول مما كان متوقعا سابقا، لافتا إلى أن تمكين الحكومة في قطاع غزة سيوضح رؤية الخطوات القادمة.
واعتبر حرب، أن الشأن الخارجي مثل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ستعترض وتفشل تشكيل حكومة تشمل أعضاء من حركة حماس، مرجحا أنه هذه العقبة يمكن تجاوزها بسيناريوهات عدة، أبرزها أن لا تدخل حماس الحكومة بشكل مطلق أو ترشح أشخاصا مستقلين يمثلوها ويتولوا مراكز الحكومة، أو اختيار أعضاء الحركة بشرط أن لا يكونوا من القيادات البارزة.
وتوقع حرب، أن الأمر يتجه نحو عدم وجود حركة حماس داخل الحكومة القادمة.
ولفت إلى ان الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة قد يمنع إتمام الخطوات الجدية لإعادة الإعمار ويعرقل جهود الحكومة.

العقبات الداخلية أمام المصالحة

وعن الشأن الداخلي الفلسطيني، أكد حرب لـ"النجاح الاخباري" أن نوعان من العقبات أمام الطرفين، كعدم الاتفاق على برنامج سياسي حتى اللحظة يوضح الوسائل والأساليب ليس فقط الأهداف التي من شأنها مواجهة الاحتلال.
ولفت إلى أن الأمر الآخر يتمحور حول قدرات السلطة الفلسطينية المحدودة من الناحية المادية لاستيعاب وتلبية الاحتياجات التي تتطلبها المصالحة، وخاصة ملف الموظفين، وإعادة الاعمار والذي يحتاج لمساهمة دولية جادة لدعم صندوق إنهاء الإنقسام.

السلاح يحتاج لضمانات

وقال حرب ،"ما يحدث على الساحة الفلسطينية بحاجة لتفاهم وطني، بموضوع سلاح المقاومة علما بأن لا أحد يستطيع نزعه ولا أحد يريد أن يستخدم في الخلافات الداخلية، والحوار بين الطرفين يجب أن يكون حول الضمانات وآليات استخدامه من الناحية العملية.
أما من الناحية السياسية، بين أن قرار الحرب والسلم لا يمتلكه فصيل بعينه وهذا يحتاج لاتفاق وطني، مضيفا أن نزع السلاح جزء من العراقيل التي توضع أمام المتحاورين.
وأضاف حرب لـ"النجاح الاخباري" ان هذا الملف عمره يزيد عن 11 سنة وأي دولة تمتلك سلاحا واحدا وشرعيا تستخدمه أجهزة الدولة، لافتا إلى أن خصوصية الفلسطينيين كونهم تحت احتلال برر وجود السلاح بإعتباره جزءا من العمل الوطني الفلسطيني، وبناء عليه يجب أن يتم الاتفاق على برنامج نضالي فلسطيني وضمانات عدم استخدامه في أي مواجهة داخلية.

وكان قد صرح عضو حركة حماس مشير المصري ، أن السلاح لن يطرح على طاولة الحوار، ولم يطرح سابقا ولن يطرح لاحقا.

ومن وجهة نظر حرب، فإنه  يعتبر أن القرار الوطني المستقل يجب أن لا يكون خاضعا للتوجهات الإقليمية والدولية والاستمرار في العمل والانجاز الذي حدث على مستوى إنهاء الإنقسام سيؤكد للأطراف أنهم جميعا مستفيدون على المستوى الداخلي الأمر الذي يحتاج مزيدا من العناية من الجمهور الفلسطيني بالضغط على الأطراف المتحاورة لإنجاز المصالحة.

تدخل مصر يختلف عن التدخلات السابقة

وعن اختلاف أجواء المصالحة عن سابقاتها اتفق حرب، مع المدهون، حول الرعاية المصرية للمصالحة، ولفت إلى انها تختلف عن تدخلات الدول السابقة كونها لم تقتصر جهودها على رعاية الحوار فقط بل وانجاز المصالحة، مضيفا أن الدول السابقة لا تستطيع انجاز المصالحة لا جغرافيا ولا عبر المدخل الصحيح وفقا لقرارات جامعة الدول العربية.
وأضاف أن عدم قدرة الأطراف الفلسطينية على تنفيذ برامجها كعدم قدرة حماس على إدارة قطاع غزة، وفشل المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال في الضفة، دفع الفلسطينيون للاستشعار بمدى المأزق في ظل غياب وجود وحدة وطنية.

هذا عدا عن تغيرات حماس الداخلية والتي اعتبرها حرب، أنها جوهرية وتعيين رئيس الحركة يحيى السنوار والتي اتضح فيها سيطرة العسكر واختلاف نظرة الأسرى المحررين في قطاع غزة.