غازي مرتجى - النجاح الإخباري - *

عندما نظرنا بواقعية للتفاهمات التي أبرمتها حركة حماس مع تيار "دحلان" خرج علينا بعض المُدعّين بأننا نقوم بتثبيط الرأي العام وأنّ التفاهمات سارية المفعول وأهمها فتح معبر رفح , سُئل أكثر من مسؤول عن حقيقية فتح معبر رفح فكان الجواب :"نتمنى ذلك وسنُسهّل كل ما يُمكننا فعله". في السابق توصل زياد أبو عمرو نائب رئيس الوزراء الفلسطيني بتكليف من الدكتور رامي حمدلله وتوجيهات من الرئيس  لاتفاق مع ادارة معابر (غزة) , يومها اتصلت بمدير عام المعابر نظمي مهنا وأبلغني أنهم على أتم الجهوزية لاستلام العمل في المعبر ويُمكن استيعاب موظفي حماس أيضًا لكن بقي الخلاف على الغرفة الأمنية داخل المعبر وكان هناك حديث (خلفي) بأن حماس من تُسيطر على القطاع فلا داعي لوجود غرفة داخل المعبر الذي سيُدار وفقًا لاتفاق 2005 مع بعض التعديلات المُتوافق عليها من كل الأطراف . تبخرّت تلك التفاهماتالتي جاءت في سياق محاولة الحكومة التوافقية حلحلة مشاكل الانقسام المتراكمة وفصلها فبدأت بمبادرة للموظفين ما لبثت أن أُفشلت وانتقلت لمعبر رفح فتم افشالها وهكذا ..

لا يُمكن حل كل المشاكل التي نجمت عن الانقسام بالضربة القاضية ولا يُمكن القول أنّ الانقسام ينتهي فقط بقرار سياسي (القرار موجود مع بعض المنغصات) الحلول العملية للمشاكل المتراكمة تحتاج لخطة مفصلّة يتم التوافق عليها من البداية بدلا من الاتفاق الفضفاض .. يُمكن حل مشكلة موظفي غزة بالكامل وفق أفكار خلاّقة ومعايير دولية .. نعم , يُمكن حل مشكلة المعابر وكذلك مشكلة القضاء .. وكل المشاكل والتفاصيل التي يكمُن بها الشيطان ولا يزال .

منذ شهر ونيّف نسمع من قيادات في غزة أن معبر رفح سيفتح قبيل عيد الأضحى وذهب قيادي في حركة حماس لأبعد من ذلك بأن المعبر سيفتح "تجاريًا" أيضًا , كل هذا الكلام تبخّر بعد فتح المعبر كما جرت العادة منذ سنوات ثلاثة حيث لا مكان لإصلاحات ولا مشاهد إعمار بدأت داخل المعبر .. فتراجع الجمع وقالوا أن المعبر لن يفتح إلا باستتباب أمني كامل في سيناء .. و "كامل" هنا تعطي مساحة كبيرة من الحرية للجانب المصري وكما جرت العادة فالقاهرة تتعامل مع المعبر بملف أمني بعض الأحيان يُصبغ بصبغة سياسية وهذا ما كان يجب أن يقتنع به الجميع .

غزة بمشاكلها بالضغوطات التي تتعرض لها لا يُمكن إنهاء مشكلاتها بـ15 مليون دولار شهري لا تزال حكومة الوفاق تصرف اضعافهم , ولا يُمكن أن تُنقذ كارثة لا تزال الحكومة والسلطة مُلتزمة بالسيطرة عليها , ففاتورة العلاج بالخارج وحدها تُكلف 20 مليون شيكل شهريًا عدا عن التفاصيل الأخرى .. أما ملف إعمار غزة الذي ورثته الحكومة بحربي 2012 و 2008 وحالات معدودة من 2006 يُكلف الملايين شهريًا ولا تزال الحكومة والجهات المُكلفة بذلك تعمل على حشد التمويل للانتهاء من اعمار غزة الذي أرهق المواطنين .

الأسلوب المُتبع حاليًا لن يمر كثيرًا على المواطن الذي ينتظر أبسط مقومّات الحياة ولا ينظر إلى نظيره الإنسان في أي دولة من دول العالم الثالث .. فعندما نقول زيادة ساعات وصل جدول الكهرباء لا يعني ذلك حصوله على أساس الحياة الذي يتطلب أن لا يتحدث بالكهرباء أساسًا وإنما هو نوع من الإسعاف الأولّي للمشكلة الإنسانية البحتة . استمرار عملية عض الأصابع لا يتضرر منها سوى المواطن ولا زلت غير مقتنع بأن قيادة حماس لم تسمع من عشرات الكُتاب والمثقفين وعديد من السياسيين أيضًا أن حلّوا اللجنة التي أصبحت مسمار جُحا في المصالحة وكفى محاولات لإطالة فترة "حرق الوقت" المُتبعة منذ اليوم الأول للانقسام .

**

في الحديث عن الوضع الداخلي لا بُدّ من الإشارة إلى عقد المجلس الوطني الذي يجب أن يُعقد بأي طريقة كانت لكن دون الانتقاص من شرعية المنظمة الممثل للشعب الفلسطيني وفق الاتفاقيات الدولية , عقد المجلس الوطني أصبح حاجة فلسطينية لتجديد الشرعيات التي انتهت , وبعيدًا عن أعضاء المجلس أو الفصائل المُمثلة به إلا أن قرار "حل السلطة" لا يُمكن أن يصدر من شخص الرئيس سوى بموافقة من وافق على تأسيس السلطة , من وافق على التأسيس هو المجلس المركزي وبالتالي فإن انعقاد المجلس الوطني (الأعم والأشمل) يُعطيه صلاحية حل كل شيء فالمجلس سيكون سيد نفسه بقراراته وكل تفاصيله . مشاركة الجهاد وحماس واجبة النظر وإن كانت هناك إشارات لإمكانية التوافق على انضمامهم للمنظمة فهذا سيُعطي المجلس الوطني الشرعية الأشمل لكل الطيف الفلسطيني .