نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - على هامش اليوم الدولي للديمقراطية وإحياءً للوعي بأهميتها عقد مركز إعلام النجاح بالشراكة مع بيت الصحافة الفلسطيني ورشة عمل بعنوان " الديمقراطية بين النظرية والتطبيق"، وذلك ضمن المشروع الذي يتبناه بيت الصحافة نحو منصة إعلامية مستقلة لبناء القدرات وإشراك الصحفيين.

وتأتي مثل هذه النشاطات لدعم ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وإﺣﻼل وتعزيز اﻟﺪﻳﻤوقراﻃﻴﺔ ورفع حالة الوعي لدى ركيزة مهمة من الشعب وهم الأكاديميون والصحفيون والكتاب والمثقفون والطلبة خاصة طلبة الإعلام والقانون.

وأدار الورشة الدكتور Erling  Lorentzen المختص بالدراسات الشرق أوسطية في جامعة أوسلو، والدكتور أمجد أبو العز المحاضر في كلية العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية.

وتحدث  Lorentzen  عن البحث الذي ينجزه حاليا في فلسطين بعنوان "العلاقة ما بين الأحزاب السياسية والعشائر في المخيمات: مخيم بلاطة نموذجاً" وتطرق لمفهوم الديمقراطية عالميا وكفكرة وأداة لممارسة السياسة، ودور الأفراد والمجتمع المدني فيها.

وبيّن أن ممارسة العملية الديمقراطية يعطي النظام السياسي لأي دولة شرعية داخلية وشرعية دولية، مؤكداً على أن الديمقراطية تخلق ثقافة عامّة تسمح للمواطن بالمشاركة في الحياة السياسية، منوهاً إلى أن الديمقراطية في الشرق الأوسط غير حقيقية والنظام السياسي يتخذ مصطلح (الأبوية) أو (المؤسساتية) التي تعطي لشخص أو حزب التحكم بالحياة السياسية للدولة.

وأشار إلى النظام السياسي منذ الفترة العثمانية يتخذ النظام الأبوي، موضحاً أن الحكومة العثمانية اتخذت ما يعرف بـ (المختار) كوكيل للحكومة وحلقة وصل بين الحكومة والشعب، وبعد نكبة 1967 أبقى الإحتلال الإسرائيلي على ذات النظام قائماً إلى أن تم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية التي لغت نظام المخاتير وأوجدت شرعية جديدة تُعرف ب(الشرعية النضالية)، وصولاً إلى قدوم السلطة الفلسطينية وتأسيس المجلس التشريعي ليتخذ شكل النظام السياسي قالب النظام الأبوي المختلط بشرعية المجلس التشريعي.

وفي ذات السياق تحدث الدكتور أمجد أبو العز عن الديمقراطية بشكل عام من وجهة نظر غربية وخصوصاً لدى الدول الأوروبية، مشيراً إلى التناقضات بين الفكر الذي تتبناه تلك الدول فيما يتعلق بالديمقراطية ومدى تطبيقها لها، ومستعرضاً بمثال القضية الفلسطينية والتجاوزات الإسرائيلية وكيفية تعامل الدول الغربية لها بتناقض مع ما تدعو له وتتبناه من ديمقراطية.

وقال: "على الارض نجح الإتحاد الاوروبي ودوله في تحقيق بعض من برامجه ولاسيما في ما يتعلق بزيادة الوعي بحقوق الإنسان والديموقراطية وحكم القانون والشفافية واصلاح الجهاز القضائي،والاجهزة الامنية الفلسطينية من خلال الدورات التدريبية وورش العمل  بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني.  ونتيجة للضغوط التي مارسها المجتمع الدولي على راسهم  الإتحاد الأوروبي تبنى المجلس التشريعي الفلسطيني في عام 2003 ميزانية السلطة لأول مرة في تاريخها. وقدم الإتحاد الأوروبي نحو 7 مليون يورو للتحضير للقانون الانتخابي والمناطق الانتخابية الفلسطينية وتدريب الموظفين كما قدم الإتحاد10 مليون يورو لتغطية تكاليف 300 مراقب انتخابي دولي".

وأضاف "على غرار الإتفاقيات الأوروبية مع دول المنطقة بما في ذلك إسرائيل تضمنت المعاهدات والإتفاقيات التي وقعها الإتحاد الأوروبي مع السلطة الفلسطينية سواءً اتفاقية الشراكة لعام 1997، أو خطة العمل الخاصة بسياسة الجوار الأوروبية لعام 2004 الموقعة مع السلطة الفلسطينية مبادئ تنص على أن "تلك الإتفاقيات مشروطة بمدى إحترام اطرافها  مبادئ الديومقراطية وحقوق الإنسان".

الاحتلال والديموقراطية

وتطرق أبو العز للحديث عن الاحتلال الاسرائيلي الذي يراه من اهم العقبات التي تواجه الجهود الأوروبية لتعزير الديموقراطية في فلسطين، فمن الصعب بناء نظام ديموقراطي تحت الاحتلال الاسرائيلي لكون الاحتلال صاحب اليد الطولى في نهاية المطاف، وابرز مثال على ذلك اعتقال إسرائيل أكثر من نصف أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخبين، وبالتالي فإن عملية الإصلاح والديموقراطية ستظلان رهينتان للاحتلال الإسرائيلي، بحسب أبو العز.

وأضاف أنَّ المراقب للمواقف والسياسات الأوروبية تجاه الإحتلال الاسرائيلي وانتهاكاته لحقوق الإنسان يلحظ التناقضات بين التصريحات والأفعال  الأوروبية على أرض الواقع، ويمكن ارجاع ذلك إلى آلية صنع القرار وتضارب المصالح  الأوروبية.

وأكّد أنَّه بشكل عام يتجنب الإتحاد الأوروبي وأعضاؤه توجيه الانتقادات لانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني، ويتجنبون مطالبة إسرائيل بدفع تعويضات لتدميرها مشاريع البنية التحتية الفلسطينية التي بنيت بأموال اوروبية بحجة ان هذه المشاريع اصبحت ملكا للفلسطينيين، ويحاول الإتحاد الأوروبي الموازنة بين اهدافه لتعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان والاصلاح من جهة وبين مصالحه الامنية والتجارية والاقتصادية. اي صراع اولويات: صراع من يأتي اولاً؟ هل التنسيق الامني والمصالح التجارية؟ أم مبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان؟ أي ببساطة الصراع بين القيم  الليبرالية وقيم البراغماتية المنفعية جعل "الإتحاد  الأوروبي لاعب واقعي بثياب لبرالية".

وأجاب المحاورون على أسئلة الحضور واستمعوا لآرائهم التي أشارت أغلبها أن الديمقراطية ليست في صناديق الاقتراع إنما في الوعي المجتمعي.