نابلس - النجاح الإخباري -  أوصى التقرير التحليلي للوفيات الناجمة عن انتهاك معايير السلامة والصحة المهنية، بضرورة إجراء التعديلات اللازمة في قانون العمل، وتشديد العقوبات والمؤبدات الجزائية على مخالفي شروط الصحة والسلامة المهنية، وإقرار قانون خاص ينظم معاييرها داخل بيئة العمل، بما يضمن مواءمة التشريعات المحلية مع الاتفاقيات الدولية.

كما أوصى التقرير الذي جرى مناقشته خلال ورشة عمل عقدتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، بمدينة رام الله، اليوم الخميس، بضرورة تمكين وزارة العمل من رصد ووصول المعلومات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية وتوحيد مصدرها، خاصة بما يتعلق بقوائم المنشآت العمل الجديدة "غير المنظمة" والتي تم ترخيصها من قبل بعض جهات، لضمان وصول المفتشين اليها.

وشدد التقرير على ضرورة قيام وزارة العمل بالدور القانوني المنوط بها من متابعة وتفتيش دوري ومفاجئ على جميع منشآت العمل بقطاعاتها المختلفة، المنظمة وغير المنظمة، للتأكد من تطبيق شروط توافر السلامة والصحة المهنية، وزيادة كادر المفتشين بما يتناسب مع أعداد المنشآت العمالية.

وأكد ضرورة العمل على استخدام التكنولوجيا، خاصة فيما يتعلق بالأرشفة الالكترونية لعمل المفتشين، وضرورة إنشاء نظام وطني خاص بمعايير السلامة والصحة المهنية، واستراتيجية وطنية تتكاتف فيها جهود كافة الأطراف الشريكة بهدف توفير بيئة عمل سليمة.

وأشار التقرير إلى أن وزارة العمل رصدت (73) حالة وفاة خلال الأعوام (2014-2017) ناجمة عن عدم اتباع معايير وشروط احتياطات السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل، توزعت بين الضفة الغربية، حيث بلغت (58) حالة وفاة، بنسبة 79.4%، وفي قطاع غزة (15) حالة، أي بنسبة 20.5% من مجموع الحالات.

وأظهر وجود أنماط رئيسية لحالات الوفاة وكانت على النحو التالي:

السقوط من علو: رصدت الهيئة أكبر عدد للوفيات في بيئة العمل نتيجة السقوط من علو والتي تركزت في قطاع الانشاءات، بواقع (30) حالة وفاة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

سقوط مواد أو معدات العمل: (27) حالة وفاة نتيجة سقوط مواد أو معدات العمل على العامل في مكان العمل.

الصعقة الكهربائية: 16 حالة وفاة.

الحريق في بيئة العمل: 10 حالات وفاة نتيجة لحدوث حريق داخل بيئة العمل.

وفيما يتعلق بوفيات الأطفال نتيجة عدم اتباع معايير السلامة، رصدت الهيئة خلال الفترة من (2014-2018)، وفاة (14) طفلا، (9) منهم في الضفة الغربية، و(5) في قطاع غزة، فيما شهد العام الحالي زيادة في حالات وفاة الاطفال داخل منشآت العمل.

وبلغت نسبة وفيات الاطفال للأعوام الاربعة السابقة 64.3% من مجموع وفيات الاطفال، فيما شكلت الناجمة عن عمل الأطفال في القطاعات غير المنظمة، والمشاريع العائلية، النسبة الكبرى لحالات الوفاة كون أغلب المشاريع الأُسرية غير مسجلة ضمن نطاق الرقابة الرسمية، التي تقوم بها وزارة العمل.

وقال الباحث في دائرة الرقابة على السياسات والتشريعات في الهيئة طاهر المصري، إن التقرير خلص إلى غياب الرقابة والتطبيق للأنظمة واللوائح الخاصة بالسلامة والصحة المهنية.

وأضاف انه يوجد ضعف وعدم وعي بشأن الإبلاغ عن اصابات العمل بالأخص في المنشآت العائلية، إلى جانب عدم التزام أصحاب العمل بتوفير معدات الوقاية الشخصية في بيئة العمل، وعدم تدريب وتأهيل العمال حول مخاطر محتملة لحماية صحة العمال وسلامتهم في بيئة العمل.

وأوضح أن العقوبة الواردة في قانون العمل غير رادعة للمخالفين لأحكام القانون، وغير كافية بالنسبة للنتائج المترتبة على مخالفة شروط الصحة والسلامة المهنية حيث احتمالية وفاة العاملين أو وقوع إصابات جسيمة وضرر على صحة العامل.

بدوره، قال مدير دائرة الصحة والسلامة المهنية في وزارة العمل فراس أبو حماد، إن الوزارة تعمل من أجل متابعة منشآت العمل، حيث تم حصر 30% من المنشآت التابعة لها وهي نسبة كبيرة في فلسطين مقارنة بغيرها من الدول.

وأضاف أنه يوجد ضعف في الإبلاغ عن إصابات العمل، والعدد المتوفر لا يعبر عن الحجم الحقيقي لتلك الاصابات، مشيرا إلى ان الوزارة تسعى لرفع عدد البلاغات من خلال التشبيك مع الجهات ذات العلاقة مثل اتحاد شركات التأمين، ووزارة الصحة، والاتحادات، والنقابات، لإنشاء نظام وطني خاص بإصابات حوادث العمل.

وأوضح أبو حماد، أنه يجري حاليا بذل جهود من أجل مراقبة المنشآت خاصة الخطرة التي يتعرض فيها العمال للإصابات، مشيرا إلى أن معظم حالات الوفاة من فئة الشباب.

من جانبه، قال سمير منصور ممثل وزارة الحكم المحلي، إن معظم الوفيات التي سجلت هي في المنشآت، ونحن في الوزارة بإمكاننا عقد شراكة لدى إنشاء المنشآت وترخيصها لتوفير السلامة المهنية وكل سبل الحد من الوفيات خصوصا في الانشاءات

من ناحيته، قال مستشار الصحة والسلامة المهنية في اتحاد نقابات عمال فلسطين عبد الهادي أبو طه، إن هناك حاجة لإصدار تشريعات عصرية ومتطورة لحماية العمال، وتوفير الصحة والسلامة المهنية لهم.

وطالب بفرض عقوبات رادعة لكل من يخالف قوانين الصحة والسلامة المهنية، وعدم اقتصارها على المخالفات البسيطة من أجل حماية حياة العمال، خاصة في قطاع البناء والانشاءات، حيث تتركز فيها حالات الإصابات والوفيات، مؤكدا ضرورة تدريب وتوعية العمال وأرباب العمل باتباع شروط السلامة المهنية.